نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (153)

ولما قرر هذه الشرائع ، نبه على تعظيمها بالخصوص على وجه يعم جميع ما ذكر في السورة بل وفي غيرها ، فقال{[31644]} عاطفاً على ما تقديره - عطفاً على المنهيات وأضداد المأمورات على وجه يشمل سائر الشريعة - : ولا تزيغوا عن سبيلي{[31645]} : { وأن } أي ولأن - على قراءة الجماعة بالفتح ، أي اتبعوه لذلك ، وعلى قراءة ابن عامر ويعقوب بالكسر هو ابتداء { هذا } أي الذي شرعته لكم { صراطي } حال كونه { مستقيماً فاتبعوه } أي بغاية جهدكم لأنه الجامع للعباد على الحق الذي فيه كل خير .

ولما كان الأمر باتباعه متضمناً للنهي{[31646]} عن غيره{[31647]} ، صرح به تأكيداً لأمره فقال : { ولا تتبعوا السبل } أي المنشعبة عن الأهوية المفرقة بين العباد ، ولذا قال مسبباً { فتفرق بكم } أي تلك السبل الباطلة { عن سبيله }{[31648]} ولما مدحه آمراً به ناهياً عن غيره مبيناً للعلة في ذلك ، أكد مدحه فقال : { ذلكم } أي الأمر العظيم من اتباعه { وصّاكم به } .

ولما كان قد حذر من الزلل عنه ، وكان من المعلوم أن من ضل عن الطريق الأقوم وقع في المهالك ، وكان كل من{[31649]} يتخيل أنه يقع في مهلك يخاف ، قال : { لعلكم تتقون * } أي اتبعوه واتركوا غيره ليكون حالكم حال من يرجى له أن يخاف من أن يزل فيضل فيهلك ، وهذا كما مدحه سبحانه سابقاً في قوله

{ وهذا صراط ربك مستقيماً }[ الأنعام : 126 ] ، { قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون }[ الأنعام : 126 ] وفصل ما هنا من الأحكام في ثلاث آيات ، وختم كل آية لذلك بالوصية ليكون ذلك آكد في القول فيكون أدعى{[31650]} للقبول ، وختم كل واحدة منها بما ختم لأنه إذا كان العقل دعا إلى التذكر فحمل على التقوى .


[31644]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[31645]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[31646]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[31647]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[31648]:زيد بعده في ظ: على وجه حفي مفلبس كما أشار إليه الادغام.
[31649]:من ظ، وفي الأصل: شيء.
[31650]:في ظ: أكد.