فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (153)

قوله : { وَأَنَّ هذا صراطي مُسْتَقِيمًا } أن في موضع نصب ، أي واتل أن هذا صراطي ، قاله الفراء والكسائي . قال الفراء : ويجوز أن يكون خفضاً ، أي وصاكم به ، وبأن هذا . وقال الخليل وسيبويه : إن التقدير ولأن هذا صراطي مستقيماً ، كما في قوله سبحانه : { وَأَنَّ المساجد لِلَّهِ } وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي : «وَإِنَّ هذا » بكسر الهمزة على الاستئناف ، والتقدير : الذي ذكر في هذه الآيات صراطي . وقرأ ابن أبي إسحاق ، ويعقوب «وَإِن هذا صراطي » بالتخفيف على تقدير ضمير الشأن . وقرأ الأعمش «وهذا صراطي » وفي مصحف عبد الله بن مسعود «وهذا صراط رَبُّكُمْ » وفي مصحف أبيّ «وهذا صراط رَبّكَ » والصراط : الطريق ، وهو طريق دين الإسلام ، ونصب مستقيماً على الحال ، والمستقيم المستوي الذي لا اعوجاج فيه ، ثم أمرهم باتباعه ونهاهم عن اتباع سائر السبل ، أي الأديان المتباينة طرقها { فَتَفَرَّقَ بِكُمْ } أي تميل بكم { عَن سَبِيلِهِ } أي عن سبيل الله المستقيم الذي هو دين الإسلام . قال ابن عطية : وهذه السبل تعمّ اليهودية والنصرانية والمجوسية ، وسائر أهل الملل ، وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع ، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام ، هذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد . والإشارة ب { ذلكم } إلى ما تقدّم وهو مبتدأ وخبره { وصاكم بِهِ } أي أكد عليكم الوصية به { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ما نهاكم عنه .

/خ153