ولما كان ذلك من الوفاء بحق الربوبية والقيام بحق العبودية مقتضياًَ للصلاح أمر بإدامته بالنهي عن ضده في قوله : { ولا تفسدوا } أي لا تدفعوا فساداً { في الأرض } أي بالشرك والظلم ، فهو{[32397]} منع من إيقاع{[32398]} ماهية الإفساد في الوجود ، وذلك يقتضي المنع من جميع أنواعه فيتناول الكليات الخمس التي اتفقت عليها الملل ، وهي الأديان{[32399]} والأبدان والعقول والأنساب والأموال{[32400]} { بعد إصلاحها } والظاهر أن الإضافة بمعنى اللام وهي إضافة في{[32401]} المفعول ، أي لا تدنسوها بفساد بعد أن أصلحها لكم خلقاً بما سوى فيها من المنافع المشار إليها بقوله
{ يغشي الليل النهار }الآية{[32402]} ، الدال على الوحدانية الداعي إلى الحق إقامة للأبدان ، وأمر بما أنزل من كتبه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام إقامة للأديان فجمع إلى الإيجاد الأول الإبقاء الأول .
ولما كان ذلك ربما اقتضى الاقتصار بكمال التذلل على مقام الخوف ، نفى ذلك بقوله { وادعوه خوفاً } أي من عدله ؛ ولما كان لا سبب للعباد من أنفسهم في الوصول إليه سبحانه ، عبر بالطمع فقال : { وطمعاً } أي في فضله ، فإن من جمع بين الخوف والرجاء كان في مقام الإحسان وكأنه مشاهد للرحمن ، ما زجره زاجر الجلال بسياط سطوته إلا دعاه داعي الجمال إلى بساط رأفته ، ومن حاز مقام الإحسان كان أهلاً للرحمة { إن رحمت الله } أي إكرام ذي الجلال والإكرام لمن يدعوه على هذه الصفة ، وفخمها بالتذكير لإضافتها إلى غير مؤنث فيما قال سيبويه ، فقال : { قريب } وكان الأصل منكم ، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال : { من المحسنين* } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.