بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفٗا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

ثم قال : { وَلاَ تُفْسِدُوا في الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } وذلك أن الله تعالى إذا بعث نبياً فأطاعوه صلحت الأرض وصلح أهلها ، وفي المعصية فساد الأرض وفساد أهلها ، ويقال : { لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } أي لا تجوروا في الأرض فتخرب الأرض لأن الأرض قامت بالعدل ، ويقال لا تخربوا المساجد فتتركوا الجماعات { وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً } يعني اعبدوه خوفاً وطمعاً أي : { خوفا } من عذابه { وطمعا } في رحمته : ويقال : ادعوه في حال الخوف والضيق ، ويقال : خوفاً عن قطيعته ورجاء إلى الغاية .

ثم قال : { إنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } ولم يقل قريبة . قال بعضهم : لأن القريب والبعيد يصلحان للواحد والجمع والمذكر والمؤنث . كما قال : { يَسْأَلُكَ الناس عَنِ الساعة قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعة تَكُونُ قَرِيباً } [ الأحزاب : 63 ] وقال : { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ } [ هود : 83 ] وقال بعضهم : تفسير الرحمة هاهنا المطر . فذكر بلفظ المذكر ، وقال بعضهم إن رحمة الله قريب . يعني الغفران والعفو فانصرف إلى المعنى . ومعناه : المحسنون قريب من الجنة وهم المؤمنون .