الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفٗا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (56)

قوله سبحانه : { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض . . . } [ الأعراف :56 ] .

ألفاظها عامة تتضمن كل فَسَادٍ قَلّ أو كثر بعد صَلاَحٍ قل أو كثر ، والقَصْدُ بالنهي هو [ على ] العموم ، وتخصيص شيء دون شَيْءٍ ، في هذا تحكم ، إلا أن يُقَالَ على جهة المثال .

وقوله سبحانه : { وادعوه خَوْفًا وَطَمَعاً } أمر بأن يكون الإنسان في حالة تقرب ، وتحرز ، وتأميل للَّه عز وجل حتى يَكُونَ الخَوْفُ والرجاء كالجَنَاحَيْنِ للطير يَحْمِلاَنِهِ في طريق استقامة ، وإن انفرد أحدهما هَلَكَ الإنسان .

وقد قال كثير من العلماء : ينبغي أن يَغْلِبَ الخَوْفُ الرَّجَاءَ طُولَ الحياة ، فإذا جاء المَوْتُ غلب الرَّجَاءُ .

وقد رأى كثير من العلماء أن يكون الخَوْفُ أغلب على المَرْءِ بكثير ، وهذا كله طَرِيقُ احتياط ، ومنه تَمَنَّي الحسن البصري أَن يَكون الرَّجُل الذي هو آخِرُ مَنْ يدخل الجَنَّةَ ، وتمنى سَالِمٌ مولى أبي حذيفة أن يكون من أَصْحَابِ الأَعْرَافِ .

ثم آنسَ سبحانه بقوله : { إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين } .