ثم أقبل عليه{[37497]} مسلياً له مقابلاً لإعراضهم إن أعرضوا بالإعراض عنهم والبراءة منهم ملتفتاً إلى أول السورة الآمر{[37498]} بالبراءة من كل مخالف ، قائلاً مسبباً عن النصيحة بهذه الآية التي لا يشك عاقل في مضمونها : { فإن تولوا } أي اجتهدوا في تكليف فطرهم الأولى أو ولوا مدبرين عنك بالانصراف المذكور أو غيره بعد النصيحة لهم بهذه الآية { فقل } أي استعانة بالله تفويضاً إليه { حسبي } أي كافي ؛ قال الرماني : وهو من الحساب لأنه جل ثناه يعطى بحسب الكفاية التي تغني عن غيره ، ويزيد من نعمته مالا يبلغ إلى حد ونهاية إذ نعمه دائمة ومننه متظاهرة { الله } أي الملك الأعلى الذي لا كفؤ له ، وإنما كان كافياً لأنه { لا إله إلا هو } فلا مكافىء له فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه .
ولما قام الدليل على أنه لا كفؤ له ، وجب قصر الرغائب عليه فقال : { عليه } أي وحده { توكلت } لأن أمره نافذ في كل شيء { وهو رب } أي مالك ومخترع ومدبر ؛ ولما كان في سياق القهر والكبرياء بالبراءة من الكفار والكفاية للأبرار ، كان المقام بالعظمة أنسب كآية النمل فقال{[37499]} : { العرش العظيم* } أي{[37500]} المحيط بجميع الأجسام الحاوي لسائر الأجرام الذي ثبت بآية الكرسي وغيرها أن ربه أعظم منه لأن عظمته على الإطلاق{[37501]} فلا شيء إلا وهو في قبضته وداخل في دائرة{[37502]} مملكته ، وإذا{[37503]} كان كافي فأنا بريء ممن تولى عني وبعد مني كائناً من كان في كل زمان ومكان فقد عانق آخر السورة أولها وصافح منتهاها مبتدأها وتأكد ما فهمته من سر الالتفات في { فسيحوا } وفي { فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله } والله تعالى أعلم{[37504]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.