جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُواْۖ لَهُۥ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيّٖ وَلَا يُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِۦٓ أَحَدٗا} (26)

{ قُلِ } : يا محمد { اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا{[2955]} } فلا تختلفوا بعد ما أخبركم الله بمدته { لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } جملة مستأنفة لتعليل الأعلمية وعن قتادة أن قوله ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة حكاية قول أهل الكتاب{[2956]} وقد رده الله بقوله : " قل الله أعلم " والأول قول أكثر السلف والخلف { أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ } هما صيغتا التعجب أي : ما أبصره وما أسمعه ، فالضمير الراجع إلى الله فاعل والباء صلة { مَا لَهُم } الضمير لأهل السماوات والأرض { مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ } : يلي أمرهم { وَلا يُشْرِكُ } : الله { فِي حُكْمِهِ } : قضائه { أَحَدًا } : منهم .


[2955]:اختلف الناس في زمان أصحاب الكهف وفي مكانهم، أما الزمان الذي حصلوا فيه، فقيل: إنهم كانوا قبل موسى عليه السلام وإن موسى ذكرهم في التوراة، ولهذا السبب؛ اليهود سألوا عنهم، وقيل: دخلوا الكهف قبل المسيح، وأخبر المسيح بخبرهم، ثم بعثوا في الوقت الذي بين عيسى عليه السلام وبين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقيل: إنهم دخلوا الكهف بعد المسيح وحكى القفال هذا القول عن محمد بن إسحاق، وقال قوم: إنهم لم يموتوا ولا يموتون إلى يوم القيامة، وأما مكان هذا الكهف فحكى القفال عن محمد بن موسى الخوارزمي النجم أن الواثق أنفذه ليعرف حال أصحاب الكهف إلى الروم، قال: فوجه ملك الروم معي أقواما إلى الموضع الذي يقال إنهم فيه، قال: وإن الرجل الموكل بذلك الموضع منعني من الدخول عليهم، قال: فدخلت ورأيت الشعور على صدورهم، قال: وعرفت إنه تمويه واحتيال، و إن الناس كانوا قد عالجوا تلك الجثث بالأودية المجففة، لأبدان الموتى لتصونها عن البلى مثل التلطيخ بالصبر وغيره، ثم قال القفال: والذي عندنا لا يعرف أن ذلك الموضع هو موضع أصحاب الكهف، أو موضع آخر، والذي أخبر الله عنه وجب القطع به ولا عبرة بقول أهل الروم إن ذلك الموضع هو موضع أصحاب الكهف، وأقول: العلم بذلك الزمان وبذلك المكان ليس للعقل فيه مجال، وإنما يستفاد ذلك من نص وذلك مفقود وثبت أنه لا سبيل إليه /12 كبير ملخصا.
[2956]:وكان في مصحف عبد الله قالوا لبثوا في كهفهم / كذا في البحر 12 وجيز.