جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيٓ أَرۡحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤۡمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوٓاْ إِصۡلَٰحٗاۚ وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (228)

{ وَالْمُطَلَّقَاتُ } : المدخول بهن من ذوات الأقراء ، { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ } ، يحملنها {[417]} على الانتظار ، خبر معناه الأمر للتأكيد ، { ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ } ، أي : أطهار أو حيض ، ثم يجوز لهن أن يتزوجن ، ونصبه على الظرفية ، أي : مدتها ، أو المفعولية أي : مضيها ، وقد أخرج الأئمة الأربعة من هذا العموم الأمة إذا طلقت ، فإنها تعتد بقرأين ، { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } ، من حبل {[418]} أو حيض {[419]} ، { إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } ، هذا تغليظ وتأكيد لا تقييد ، { وَبُعُولَتُهُنَّ } : أزواجهن جمع بعل والتاء لتأنيت الجمع ، { أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } : إلى النكاح والرجعة ، { فِي ذَلِكَ } : في زمان التربص وهو العدة ، وكان الرجل يرجع إلى امرأته وإن طلقها مائة إلى أن نزلت " الطلاق مرتان " {[420]} فصار قسمين بائنة ورجعية ، فليس الضمير أخص من المرجوع {[421]} إليه ، { إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً } : بالرجعة لا إضراراً وهو تقييد للأحقية {[422]} ، { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ } ، أي : لهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن { بِالْمَعْرُوفِ } : بالوجه الذي لا ينكر في الشرع والمراد بالمماثلة مماثلة الواجب الواجب في الحسنة لا في جنس الفعل ، { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } : زيادة {[423]} في الحق وفضل فيه ، أو شرف وفضل في الدنيا والآخرة ، { وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } ، يأمر كما أراد بمقتضى حكمته .


[417]:يعني في ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص، فإن أنفسهن طوامح إلى الرجال، فأمرن أن يجبرنها على التربص/12
[418]:إذا أرادت فراق زوجها فكتمت لئلا ينتظر بطلاقها أن تضع، وربما لا يطلقها إذا علم حبلها، أو كتمت حيضها وقالت حين الحيض: قد طهرت، استعجالاً للطلاق/12
[419]:هكذا فسر ابن عباس وابن عمر وغيرهما/12
[420]:البقرة: 229
[421]:كما قال بعض الأصوليين: لأن البعل كان أحق بردها من غيره وإن طلقها ألف طلقة حتى نسخ فافهم، كما ذكره السدي ومجاهد وابن جرير وغيرهم/12
[422]:لا كما قال القاضي: وهو أنه ليس المراد منه شريطة
[423]:لأن حقوقهم في أنفسهن، وحقوقهن المهر، وتركه الضرار ونحوهما/12