جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِۗ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (230)

{ فَإِن طَلَّقَهَا } ، أي : بعد اثنتين ، فهو مرتبط بقوله : " الطلاق مرتان " ، نوع تفسير لقوله : " أو تسريح بإحسان " ، وذكر بينهما الخلع دلالة على أن الطلاق يكون مجانا تارة وبعوض أخرى ، { فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ } أي : بعد ذلك الطلاق { حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } أي : حتى يطأها زوج آخر ، يعني في نكاح صحيح ، أو المراد من النكاح : العقد ، والإصابة قد علم من الأحاديث الصحاح ، { فَإِن طَلَّقَهَا } : الزوج الثاني { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا } ، بنكاح جديد { إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ } : من حقوق الزوجية ، { وَتِلْكَ } أي : الأحكام المذكورة { حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } : يفهمون ، ثم اعلم أن شرط التحليل في النكاح فاسد إلا عند أبي حنيفة ، وقد صح " لعن الله المحلل والمحلل له " ، والخلاف في أن الناكح بنية التحليل هو المحلل أم لا ، وكلام السلف {[431]} يدل على أنه المحلل الملعون .


[431]:روى الحاكم وقال: حديث صحيح الإسناد، أن رجلا جاء إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له عن غير مؤامرة منه ليحللها لأخيه، هل تحل للأول؟ فقال: لا إلا نكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم [المستدرك، 2/199، وأقره الذهبي]، وفي الحديث: "لا إلا نكاح رغبة لا دلسة" (الدلسة التحليل) ولا استهزاء بكتاب الله، ومثّله صلى الله عليه وسلم بالتيس المستعار/12 [كما أخرجه ابن ماجة، 1936، والحاكم، 2/ 198 وغيرهما بسند حسن، انظر الإرواء، 6/309-310].