تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكۡتُمۡنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيٓ أَرۡحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤۡمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوٓاْ إِصۡلَٰحٗاۚ وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيۡهِنَّ دَرَجَةٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (228)

{ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } والأقراء : الحيض ، في قول أهل العراق ، وفي قول أهل المدينة : الأطهار . قال قتادة : جعل عدة المطلقة في هذه الآية ثلاث حيض ، ثم نسخ منها المطلقة التي لم يدخل بها زوجها ، فقال : في سورة الأحزاب : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } [ الأحزاب : 49 ] فهذه ليست عليها عدة .

ونسخ أيضا من الثلاثة قروء التي لا تحيض من صغر أو كبر والحامل ، فقال : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم } فهذه للعجوز التي لا تحيض { إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } فهذه التي لم تحض أيضا ثلاثة أشهر . قال : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } [ الطلاق : 4 ] فهذه أيضا ليست من القروء في شيء أجلها أن تضع حملها .

قال محمد : القروء : واحدها قرءا ، يقال : أقرأت المرأة وقرأت ، إذا حاضت ، أو طهرت ، وإنما جعل الحيض قراءا ، والطهر قرءا ؛ لأن أصل القرء في كلام العرب : الوقت يقال : رجع فلان لقرئه ، أي لوقته الذي كان يرجع فيه ، فالحيض يأتي لوقت ، والطهر يأتي لوقت والله أعلم بما أراد .

{ ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } تفسير مجاهد قال : لا يحل للمطلقة أن تقول : إني حائض ، وليست بحائض ، [ أو تقول : إني حبلى وليست بحبلى ، أو تقول : لست بحائض وهي حائض ] ، أو تقول : لست بحبلى ، وهي حبلى ، لتبين من زوجها قبل أن تنقضي العدة ، وتضيف الولد إلى الزوج الثاني ، وتستوجب الميراث ، إذا مات الرجل [ فتقول : لم تنقض عدتي ] وقد انقضت عدتها ، والنفقة في الحمل .

{ وبعولتهن } يعني الأزواج { أحق بردهن في ذلك } في العدة التطليقة والتطليقتين { إن أرادوا إصلاحا } يعني حسن الصحبة { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة } يعني فضيلة في الحق .