جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَثَلِ رِيحٖ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتۡ حَرۡثَ قَوۡمٖ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَأَهۡلَكَتۡهُۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنۡ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (117)

{ مثل ما يُنفقون } : مثل ما ينفق الكفار ، وقيل : نفقة اليهود على علمائهم ، { في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صرّ{[798]} : برد شديد ، أو سموم{[799]} حارة { أصابت حرث } : زرع ، { قوم ظلموا أنفسهم } : بالكفر والمعاصي ، { فأهلكته } : فلم ينتفعوا بحرثهم لدى احتياجهم إليه ، فكذا أعمال الكفار ، وتقديره : مثل إهلاك ما ينفقون كمثل إهلاك ريح ، أو مثل ما ينفقون كمثل مهلك ريح ليطابق المثلان ، { وما ظلمهم الله } ، بأن فعل بهم ما ليسوا أهلا له ، { ولكن أنفسهم{[800]} يظلمون } لأنهم ارتكبوا ما استحقوا العقوبة .


[798]:قال الزمخشري: الصر: الريح الباردة ففيه إشكال لأنه يلزم أن يقال ريح فيها ريح باردة وتوجيهه أنه نعت وصف به البرد للمبالغة كبرد بارد أو هو مصدر في الأصل بمعنى البرد فجيء به على أصله أو من باب التجريد انتزع من الريح الباردة ريحا مبالغة في بردها/12 منه.
[799]:هذا قول ابن عباس، ومجاهد، قيل: هذا يرجع إلى الأول فإن البرد الشديد فيها نارية تحرق الثمار والزروع/12.
[800]:تقديم المفعول لرعاية الفاصلة لا للاختصاص أي: ما ظلمناهم، ولكن ظلموا أنفسهم/12 منه.