جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (120)

{ إن تمسَسْكم حسنة } : خير ومنفعة ، { تسُؤهم } : تحزنهم ، { وإن تُصبكم سيئة } : ضر وشدة ، { يفرحوا بها } ، فهم في نهاية العداوة معكم ، { وإن تصبروا } : على أذاهم ، { وتتقوا } موالاتهم أو ما حرم الله ، { لا يضركم{[809]} كيدهم شيئا{[810]} } : كنتم في كنف الله ، فلا يضركم كيدهم ، وضمة الراء في لا يضر كضمة مد للاتباع ؛ لأنه جزاء شرط مضارع مضاعف ، فجاز فيه أربعة أوجه ، وقرئ لا يضركم بكسر الضاد من ضاره بمعنى ضره { إن الله بما يعملون محيط } : علمه فيجازيهم بما هم أهله .


[809]:يعني لا يضركم فعل مضارع وقع جزاء، وجزاء الشرط في غير المضاعف مجزوم وفي مشدد المضاعف مفتوح، فلا بد أن يقال ضمة الراء لاتباع الضاد كضمة مد/12 منه.
[810]:معنى الآية أن كل من صبر على أداء أوامر الله تعالى، وألقى كل ما نهى الله عنه كان في حفظ الله فلا يضره كيد الكافرين ولا حيل المحتالين وتحقيق الكلام في ذلك هو أنه سبحانه إنما خلق الخلق للعبودية، كما قال: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات: 56) فمن وفى بعهد العبودية في ذلك فالله سبحانه أكرم من أن لا يفي بعهد الربوبية في حفظه عن الآفات والمخافات وإليه الإشارة بقوله (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: 2، 3) إشارة إلى أنه يوصل إليه كل ما يسره، وقال بعض الحكماء: إذا أردت أن تكبت من يحسدك فاجتهد في اكتساب الفضائل/12.