الصرُّ : الريح الباردة نحو : الصرصر . قال :
لاَ تَعْدِلَنَّ أَتَاويِّينَ تَضْرِبُهُمْ*** نَكْبَاءَ صِرّ بأصْحَابِ الْمَحَلاَّتِ
وَلَمْ يَغْلِبِ الْخَصْمَ الألَدَّ وَيَمْلإِ الْ *** جِفَانَ سَدِيفاً يَوْمَ نَكْبَاءَ صَرصْرٍ
فإن قلت : فما معنى قوله : { كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ } ؟ قلت : فيه أوجه : أحدهما أنّ الصرَّ في صفة الريح بمعنى الباردة ، فوصف بها القرّة بمعنى فيها قرة صرّ ، كما تقول : برد بارد على المبالغة . والثاني : أن يكون الصر مصدراً في الأصل بمعنى البرد فجيء به على أصله . والثالث : أن يكون من قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [ الأحزاب : 21 ] ومن قولك : إن ضيعني فلان ففي الله كاف وكافل . قال :
وَفِي الرَّحْمنِ لِلضُّعَفَاءِ كَافِي***
شبه ما كانوا ينفقون من أموالهم في المكارم والمفاخر وكسب الثناء وحسن الذكر بين الناس لا يبتغون به وجه الله ، بالزرع الذي حسه البرد فذهب حطاماً . وقيل : هو ما كانوا يتقربون به إلى الله مع كفرهم . وقيل : ما أنفقوا في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضاع عنهم ، لأنهم لم يبلغوا بإنفاقه ما أنفقوه لأجله . وشبه بحرث { قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } فأهلك عقوبة لهم على معاصيهم ، لأنّ الهلاك عن سخط أشدّ وأبلغ .
فإن قلت : الغرض تشبيه ما أنفقوا في قلة جدواه وضياعه بالحرث الذي ضربته الصر ، والكلام غير مطابق للغرض حيث جعل ما ينفقون ممثلاً بالريح . قلت : هو من التشبيه المركب الذي مر في تفسير قوله : { كَمَثَلِ الذى استوقد نَاراً } [ البقرة : 17 ] ويجوز أن يراد : مثل إهلاك ما ينفقون مثل إهلاك ريح ، أو مثل ما ينفقون كمثل مهلك ريح وهو الحرث وقرئ : «تنفقون ، بالتاء » { وَمَا ظَلَمَهُمُ الله } الضمير للمنفقين على معنى : وما ظلمهم الله بأن لم يقبل نفقاتهم ، ولكنهم ظلموا أنفسهم حيث لم يأتوا بها مستحقة للقبول ، أو لأصحاب الحرث الذين ظلموا أنفسهم ، أي : وما ظلمهم الله بإهلاك حرثهم ، ولكن ظلموا أنفسهم بارتكاب ما استحقوا به العقوبة . وقرئ : «ولكنّ » بالتشديد ، بمعنى ولكنّ أنفسهم يظلمونها هم . ولا يجوز أن يراد : ولكن أنفسهم يظلمون ، على إسقاط ضمير الشأن ، لأنه إنما يجوز في الشعر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.