( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون117 ) .
( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا ) من المكارم ويواسون فيه من المغارم ( كمثل ريح فيها صر ) أي برد شديد كالصرصر ( أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم ) بالكفر والمعاصي فباؤوا بغضب من الله ( فأهلكته ) فكذا ريح الكفر إذا أصابت حرث انفاق قومه تهلكه . فصار الظلم ريحا لحصوله من هوى النفس ذات برودة شديدة لكونه ظلم الكفر الذي هو الموت المعنوي فأهلكته –قاله المهايمي- ( وما ظلمهم الله ) باهلاك حرثهم بارسال ريح من عنده ( ولكن أنفسهم يظلمون ) بارسال ريح الظلم الكفري على حرثهم الأخروي .
ان قيل : الغرض تشبيه ( ما أنفقوا ) في ضياعه ، بالحرث الذي ضربته الصر ، وقد جعل ما ينفقون ممثلا بالريح ، فما وجه المطابقة للغرض ؟ أجيب : بأن هذا من التشبيه المركب وهو ما حصلت فيه المشابهة بين ما هو المقصود من الجملتين ، وان لم تحصل المشابهة بين أجزائيهما ، والمقصود تشبيه الحال بالحال ، ويجوز أن يراد : مثل اهلاك ما ينفقون كمثل اهلاك ريح ، أو مثل ما ينفقون كمثل مهلك ريح فتحصل المشابهة .
/ قال ناصر الدين في ( الانتصاف ) : والأقرب أن يقال أصل الكلام –والله أعلم- مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل حرث قوم ظلموا أنفسهم فأصابته ريح فيها صر فأهلكته ، ولكن خولف هذا النظم في المثل المذكور لفائدة جليلة . وهو تقديم ما هو أهم . لأن الريح التي هي مثل العذاب ، ذكرها في سياق الوعيد والتهديد أهم من ذكر الحرث . فقدمت عناية بذكرها ، واعتمادا على ان الأفهام الصحيحة تستخرج المطابقة برد الكلام إلى أصله على أيسر وجه . ومثل هذا ، في تحويل النظم لمثل هذه الفائدة ، قوله تعالى : ( فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل احداهما . . . ) الآية . ومثله أيضا : أعددت هذه الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه ، والأصل : أن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت . وأن أدعم بها الحائط إذا مال ، وأمثال ذلك كثيرة والله الموفق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.