جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلَا تَقُولُواْ لِمَنۡ أَلۡقَىٰٓ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنٗا تَبۡتَغُونَ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٞۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَتَبَيَّنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا} (94)

{ يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله } ذهبتم للغزو وسافرتم { فتبيّنوا } اطلبوا بيان الأمر ولا تعجلوا فيه { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام } لمن حياكم بتحية الإسلام ، ومن قرأ السلَم فمعناه : الانقياد وقيل : معناه : قول لا إله إلا الله محمد رسول الله { لست مؤمنا } وإنما فعلت ذلك متعوذا { تبتغون عرَض الحياة الدنيا } تطلبون حطام الدنيا ، هو حال من فاعل لا تقولوا { فعند الله مغانم كثيرة } ربما يفنيكم عن قتل من أظهر الإسلام لما له { كذلك كنتم من قبل } تخفون إيمانكم أو لم تكونوا مؤمنين أو محصونة دماؤكم بمجرد كلمة الشهادة { فمنّ الله عليكم } بالاشتهار بالإيمان أو بالهداية { فتبيّنوا } لا تبادروا ظنا بأنهم دخلوا في الإسلام اتقاء وخوفا . تأكيد لما تقدم { إن الله كان بما تعملون خبيرا } عالما بالغرض من القتل فاحتاطوا . نزلت في رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون فقال : السلام عليكم ، فقالوا : ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا فقتلوه وأخذوا غنيمته{[1089]} ، أو في رجل له{[1090]} مال كثير بقى من قوم كافرين أرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم السرية وقد تفرقوا فقال : أشهد أن لا إله إلا الله فأهوى إليه أحد من المسلمين فقتله ، فأنزل الله الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاتل : ( كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتله وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل ) .


[1089]:كما رواه البخاري والترمذي عن ابن عباس/12 وجيز. [أخرجه البخاري في (التفسير)/باب: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} (4591)].
[1090]:رواه الحافظ وفي البخاري بعض منه/12 وجيز. [ذكره الحافظ في (الفتح) (8/107) وابن كثير في (تفسيره) (1/540) وعزاه للبزار من طريق: حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس... فذكر القصة. وذكره السيوطي في (الدر المنثور) (3/357) وعزاه للبزار والدارقطني والطبراني].