جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا يَدۡخُلِ ٱلۡإِيمَٰنُ فِي قُلُوبِكُمۡۖ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتۡكُم مِّنۡ أَعۡمَٰلِكُمۡ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (14)

{ قالت الأعراب آمنا } ، قيل : نزلت{[4706]} في قوم منافقين أظهروا الإيمان لأن يعطوا الصدقة ، { قل لو تؤمنوا } : يعني كذبتم{[4707]} ، { ولكن قولوا أسلمنا } ، فإن الإسلام انقياد وإظهار للتوحيد ، { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } ، حال من فاعل قولوا كأنه قال ، لا تقولوا آمنا ؛ بل قولوا حال كون قلوبكم لم يواطىء ألسنتكم أسلمنا ، وزيادة ما في لم لمعنى التوقع ، فأن هؤلاء قد آمنوا بعد ، { وإن تطيعوا الله ورسوله } : سرا وعلانية ، { لا يلتكم } : لا ينقصكم ، { من أعمالكم } : من جزاءها ، { شيئا إن الله غفور رحيم } ، وعن ابن عباس ، والنخعي ، وقتادة ، واختاره ابن جرير : إن هؤلاء الأعراب ليسوا منافقين ، لكن مسلمين ادعوا لأنفسهم أول ما دخلوا في الإسلام مقام الإيمان الذي هو أعلى من الإسلام ، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم ، فأدبهم الله ، وأعلمهم أن ذلك مرتبة تتوقع منهم ، ولم يصلوا إليها بعد ،


[4706]:ذكرنا سبب النزول بقيل مع أن البخاري ذهب إلى أن هؤلاء كانوا منافقين، لأن الأكثرين من السلف صرحوا بخلافه كما بينا في آخر الآية/12 منه.
[4707]:عبر عن كذبتم بقوله: {لم تؤمنوا} لأنه ما أراد أن يكافحهم بنسبة الكذب وفيه تعليم وأدب حسن/12 منه.