الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أُحِلَّ لَكُمۡ صَيۡدُ ٱلۡبَحۡرِ وَطَعَامُهُۥ مَتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِلسَّيَّارَةِۖ وَحُرِّمَ عَلَيۡكُمۡ صَيۡدُ ٱلۡبَرِّ مَا دُمۡتُمۡ حُرُمٗاۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ} (96)

قوله : { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم } الآية [ 98 ] .

المعنى : { أحل لكم } – وأنتم حرم – { صيد البحر } وهو حيتانه{[18099]} .

و{ متاعا } مصدر ، والمعنى : متعتم به متاعا ، لأن المعنى { أحل لكم } : متعتم بصيد البحر متاعا{[18100]} .

وكل نهر تسميه العرب بحرا ، فالأنهار صيدها داخل في هذا{[18101]} ، حلال بإجماع{[18102]} .

ومعنى { وطعامه{[18103]} } ( أي ) : {[18104]} ما قُذِفَ{[18105]} ميتا{[18106]} . وقيل : طعامه ما كان مملحا ، قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما{[18107]} . وقيل : طعامه ما جاء به الموج{[18108]} . وقيل : صيده أن يصطادوه ، وطعامه أن يأكلوه ، فذلك حلال لهم{[18109]} ، وهذا قول حسن ، أباح الله الصيد واللحم{[18110]} . وقرأ ابن عباس : ( وطُعْمُهُ ){[18111]} بضم الطاء من غير ألف{[18112]} .

ولم يرَ مالك في الحوت يُطرح{[18113]} في النار حياً بأساً{[18114]} . وكرهه غيره . ودواب البحر كلها – مثل الحيتان حلال للمحرم ، وتؤكل{[18115]} الميتة منها{[18116]} . ولم يُجز جماعة أكل خنزير الماء{[18117]} وإنسان الماء للمحرم ولغيره{[18118]} .

وليس في شيء يخرج من البحر ذكاة{[18119]} . وليس طير الماء من صيد البحر ، ( لأنها تعيش ){[18120]} في البر{[18121]} .

قوله : { متاعا لكم } : ( أي منفعة لكم ){[18122]} ، { وللسيارة } أي : يأكل منها السيارة في أسفارهم{[18123]} ، وهو المملح{[18124]} .

قوله : { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما{[18125]} } أي : حرم الله عليكم أن تصطادوا من البر ما دمتم محرمين{[18126]} .

وأجاز قوم للمحرم أن يشتري الصيد المذبوح من ماله ، لأن النهي إنما وقع على صيده{[18127]} .

{ واتقوا الله } أي : احذروه فيما أمركم به ، فإنه إليه تحشرون فيثيبكم{[18128]} بأعمالكم{[18129]} .


[18099]:انظر: - في معنى صيد البحر – مختلف الأقوال في تفسير الطبري 11/75.
[18100]:انظر: معاني الزجاج 2/209، وإعراب النحاس 1/520، وإعراب مكي 238، وأحكام القرطبي.
[18101]:انظر: تفسير الطبري 11/60 و61.
[18102]:(الذي حرم عليهم إنما هو صيد البر في حال الإحرام) معاني الزجاج 2/209.
[18103]:ج د: طعامه متاعا لكم.
[18104]:ساقطة من ب ج د.
[18105]:أ: قذف فيه.
[18106]:هو قول أبي بكر وابن عباس وعكرمة وأبي مجلز وابن عمر وقتادة وأبي أيوب في تفسير الطبري 11/61 وما بعدها، وقول الفراء في معانيه 321.
[18107]:هو قول عكرمة وابن جبير وإبراهيم. وقتادة والسدي وابن المسيب وابن زيد أيضا في تفسير الطبري 11/65 وما بعدها.
[18108]:هو قول عكرمة ومجاهد في تفسير الطبري 11/69. وانظر: غريب ابن قتيبة 147.
[18109]:(عن مجاهد...قال: يصاد المحرم والمحل من البحر، ويأكل من صيده): تفسير الطبري 11/60.
[18110]:انظر: إعراب النحاس 1/520.
[18111]:ب د: طعامه.
[18112]:انظر: إعراب النحاس 1/520، وهي قراءة عبد الله بن الحارث بن نوفل في مختصر ابن خالويه 35.
[18113]:ب: بطرح.
[18114]:ب: با. وفي المغني 11/43 قول أحمد: (ما يعجبني)، وعلق عليه ابن قدامة بقوله: (إنما كره تعذيبه بالنار).
[18115]:ب ج د: يوكل.
[18116]:انظر: المدونة 3/336، والموطأ 352 و353، والكافي 186 و187، والإجماع 46، والأم 2/267.
[18117]:(قال ابن القاسم: إني لأتقيه، ولو أكله رجل لم أره حراما) المدونة 1/420.
[18118]:مطموسة في أ. وانظر: الكافي 187، وبداية المجتهد 1/470. وفي المقنع 399: (لا يباح من البحر ما يحرم نظيره في البر، كخنزير الماء وإنسانه) وانظر: أحكام القرطبي 6/320، وقال في نيل الأوطار 9/28: (فَعَند الحنفية وهو قول الشافعية أنه يَحُرم، والأصح عن الشافعية الحل مطلقا، وهو قول المالكية).
[18119]:انظر: المدونة 3/336.
[18120]:ب ج د: لأنه يعيش. وفي كتاب الله: {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن}[الملك: 19].
[18121]:(فإن أصاب من طير الماء شيئا، فعليه الجزاء) المدونة 1/336.
[18122]:ساقطة من ب.
[18123]:انظر: غريب ابن قتيبة 147.
[18124]:انظر: تفسير الطبري 11/71.
[18125]:ب: قزما.
[18126]:انظر: تفسير الطبري 11/74.
[18127]:انظر: الموطأ 353، وذكر الطبري في تفسيره 11/85 أن أبا سلمة ابتاع لَقَطاً – وهو طير كالحمام – وأكلها.
[18128]:ب: فيثيبكم.
[18129]:انظر: تفسير الطبري 11/89.