وقوله : { يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ . . . }
كان ينبغي في العربية أن يقال : وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض ، لأنه ماض ؛ كما تقول : ضربتك إذ قمت ، ولا تقول ضربتك إذا قمت . وذلك جائز ، والذي في كتاب الله عربىّ حسن ؛ لأن القول وإن كان ماضيا في اللفظ فهو في معنى الاستقبال ؛ لأن ( الذين ) يُذهب بها إلى معنى الجزاء مِن مَنْ وما . فأنت تقول للرجل : أحبِب من أحبَّك ، وأحبب كلّ رجل أحبَّك ، فيكون الفعل ماضيا وهو يصلح للمستقبل ؛ إذ كان أصحابه غير موَقَّتين ، فلو وَقَّته لم يجز . من ذلك أن تقول : لأضربن هذا الذي ضربك إذ سلَّمت عليك ، لأنك قد وقَّته فسقط عنه مذهب الجزاء . وتقول : لا تضرب إلا الذي ضربك إذا سلمت عليه ، فتقول ( إذا ) لأنك لم توقته . وكذلك قوله : { إِنّ الذِين كَفَرُوا ويَصُدُّون عَنْ سَبيل الله } فقال { ويَصُدُّون } فردّها على ( كفروا ) لأنها غير موقَّتة ، وكذلك قوله { إِلاَّ الذِين تابوا من قَبلِ أن تَقْدِروا عليهِم } المعنى : إلا الذِين يتوبون من قبلِ أن تقدِروا عليهم . والله أعلم . وكذلك قوله { إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وعَمِلَ صَالِحا } معناه : إِلا من يتوب ويعمل صالحا . وقال الشاعر :
فإني لآتيكم تشَكُّرَ ما مضى *** مِن الأَمرِ واستِيجابَ ما كان في غدِ
يريد به المستقبل : لذلك قال ( كان في غد ) ولو كان ماضيا لقال : ما كان في أمس ، ولم يجز ما كان في غد . وأما قول الكميت :
ما ذاقَ بُؤسَ معِيشةٍ ونعيمها *** فيما مَضَى أَحدٌ إذا لم يَعْشقِ
فمن ذلك ؛ إنما أراد : لم يذقها فيما مضى ولن يذوقها فيما يستقبل إذا كان لم يعشق . وتقول : ما هلك امرؤ عرف قدره ، فلو أدخلت في هذا ( إذا ) كانت أجود من ( إذ ) ؛ لأنك لم تخبر بذلك عن واحد فيكونَ بإذا ، وإنما جعلته كالدأب فجرى الماضي والمستقبل . ومن ذلك أن يقول الرجل للرجل : كنتَ صابرا إذا ضربتك ؛ لأن المعنى : كنت كلَّما ضُرِبت تصبر . فإذا قلت : كنت صابرا إذ ضُرِبت ، فإنما أخبرت عن صبره في ضربٍ واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.