بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ كَانُواْ غُزّٗى لَّوۡ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ حَسۡرَةٗ فِي قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (156)

ثم قال تعالى : { يا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كالذين كَفَرُواْ } يعني منافقي أهل الكتاب { وَقَالُواْ لإخوانهم } من المنافقين : { إِذَا ضَرَبُواْ في الأرض } يعني إذا ساروا في الأرض تجاراً مسافرين ، فماتوا في سفرهم { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } يعني : خرجوا في الغزو فقتلوا . قال القتبي : { غزّى }ً جمع غاز ، مثل صائم وصُوَّم ، ونائم ونوم { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا } بالمدينة { مَا مَاتُواْ } في سفرهم { وَمَا قُتِلُواْ } في الغزو { لِيَجْعَلَ الله ذلك } الظن { حَسْرَةً في قُلُوبِهِمْ } ويقال : جعل الله ذلك القول { حسرة في قلوبهم } لأنه ظهر نفاقهم . وقال الضحاك : { ليجعل الله ذلك حسرة } في قلوب المنافقين ، لأن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ، تسرح في أشجار الجنان حيث شاءت .

وأرواح قتلى المنافقين في حواصل طير سُودٍ تسرح في الجحيم .

ثم قال تعالى : { والله يُحْيىِ وَيُمِيتُ } أي يحيي في السفر ويميت في الحضر ، ويحيي في الحضر ويميت في السفر . ويقال : والله يحيي قلوب المؤمنين ويميت قلوب الكافرين ، يحيي قلوب المؤمنين بالنصرة والخروج إلى الغزو ، ويميت قلوب المنافقين بالتخلف وظن السوء . وقال الضحاك : يعني يحيي من أحيى من نطفة بقدرته ، ويميت من أمات بعزته وسلطانه . { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } قرأ عبد الله بن كثير وحمزة والكسائي : { يعملون } بالياء على معنى المغايبة . وقرأ الباقون : بالتاء . ومعناه قل لهم : والله بما تعملون بصير .