فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ كَانُواْ غُزّٗى لَّوۡ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجۡعَلَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ حَسۡرَةٗ فِي قُلُوبِهِمۡۗ وَٱللَّهُ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (156)

قوله : { لاَ تَكُونُوا كالذين كَفَرُوا } هم المنافقون الذين قالوا : { لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا } . قوله : { وَقَالُوا لإخوانهم } في النفاق ، أو في النسب ، أي : قالوا لأجلهم : { إِذَا ضَرَبُوا فِي الأرض } إذا ساروا فيها للتجارة ، أو نحوها ، قيل : " إن " " إذا " هنا المفيدة لمعنى الاستقبال ، بمعنى " إذا " المفيدة لمعنى المضيّ . وقيل : هي على معناها ، والمراد هنا : حكاية الحال الماضية . وقال الزجاج : " إذا " هنا تنوب عن ما مضى من الزمان ، وما يستقبل { لوْ كَانُوا غُزًّى } جمع غاز كراكع وركع ، وغائب وغيب ، قال الشاعر :

قل للقوافل والغزى إذا غزوا *** . . .

{ لِيَجْعَلَ الله ذلك حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ } اللام متعلقة بقوله : { قَالُوا } أي : قالوا ذلك ، واعتقدوه ؛ ليكون حسرة في قلوبهم . والمراد : أنه صار ظنهم أنهم لو لم يخرجوا ما قتلوا حسرة ، أو متعلقة بقوله : { لاَ تَكُونُوا } أي : لا تكونوا مثلهم في اعتقاد ذلك ؛ ليجعله الله حسرة في قلوبهم ، فقط دون قلوبكم . وقيل : المعنى لا تلتفتوا إليهم ؛ ليجعل الله عدم التفاتكم إليهم حسرة في قلوبهم ، وقيل المراد : حسرة في قلوبهم يوم القيامة لما فيه من الخزي ، والندامة : { والله يُحْيىِ وَيُمِيتُ } فيه ردّ على قولهم ، أي : ذلك بيد الله سبحانه يصنع ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، فيحيي من يريد ، ويميت من يريد من غير أن يكون للسفر ، أو الغزو أثر في ذلك .

/خ164