معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا} (78)

وقوله : { فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ . . . }

يشدّد ما كان من جمع ؛ مثل قولك : مررت بثياب مُصَبَّغةٍ وأكبشٍ مذبّحةٍ . فجاز التشديد لأن الفعل متفرق في جمع . فإذا أفردت الواحد من ذلك فإن كان الفعل يتردّد في الواحد ويكثر جاز فيه التشديد والتخفيف ؛ مثل قولك : مررت برجل مشجّج ، وبثوب ممزّق ؛ جاز التشديد ؛ لأن الفعل قد تردد فيه وكثر . وتقول : مررت بكبشٍ مذبوح ، ولا تقل مذبح لأن الذبح لا يتردّد كتردّد التخرق ، وقوله : { وبِئرٍ مُعَطَّلةٍ وقصرٍ مَشِيد } يجوز فيه التشديد ؛ لأن التشييد بناء فهو يتطاول ويتردّد . يقاس على هذا ما ورد .

وقوله : { وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هذه مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هذه مِنْ عِندِكَ . . . }

وذلك أن اليهود لما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة قالوا : ما رأينا رجلا أعظم شؤما من هذا ؛ نقصت ثمارنا وغلت أسعارنا . فقال الله تبارك وتعالى : إن أمطروا وأخصبوا قالوا : هذه من عند الله ، وإن غلت أسعارهم قالوا : هذا من قِبل محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .

وقول الله تبارك وتعالى : { قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ } .

وقوله : { فَمالِ هؤلاء الْقَوْمِ } ( فمال ) كثرت في الكلام ، حتى توهَّموا أن اللام متصلة ب ( ما ) وأنها حرف في بعضه . ولاتصالِ القراءة لا يجوز الوقف على اللام ؛ لأنها لام خافضة .