قرئ «يدركُكم » بالرفع وقيل : هو على حذف الفاء ، كأنه قيل : فيدرككم الموت ، وشبه بقول القائل :
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ للَّهُ يَشْكُرُهَا ***
ويجوز أن يقال : حمل على ما يقع موقع { أَيْنَمَا تَكُونُواْ } ، وهو أينما كنتم ، كما حمل «ولا ناعب » ، على ما يقع موقع ( ليسوا مصلحين ) وهو ليسوا بمصلحين ، فرفع كما رفع زهير :
يَقُولُ لاَ غَائِبٌ مَالِي وَلاَ حَرِمُ ***
وهو قول نحوي سيبوي . ويجوز أن يتصل بقوله : { وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } أي ولا تنقصون شيئاً مما كتب من آجالكم . أينما تكونوا في ملاحم حروب أو غيرها ، ثم ابتدأ قوله : { يُدْرِككُّمُ الموت وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } والوقف على هذا الوجه على ( أينما تكونوا ) .
والبروج : الحصون . مشيدة مرفعة . وقرىء «مشيَّدة » من شاد القصر إذا رفعه أو طلاه بالشيد وهو الجصّ . وقرأ نعيم بن ميسرة «مشيدة » بكسر الياء وصفاً لها بفعل فاعلها مجازاً كما قالوا : قصيدة شاعرة ، وإنما الشاعر قارضها . السيئة تقع على البلية والمعصية . والحسنة على النعمة والطاعة . قال الله تعالى : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الأعراف : 198 ] وقال : { إِنَّ الحسنات يُذْهِبْن السيآت } [ هود : 114 ] . والمعنى : وإن تصبهم نعمة من خصب ورخاء نسبوها إلى الله ، وإن تصبهم بلية من قحط وشدة أضافوها إليك وقالوا : هي من عندك ، وما كانت إلا بشؤمك ، كما حكى الله عن قوم موسى : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ } [ الأعراف : 131 ] وعن قوم صالح : { قَالُواْ اطيرنا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } [ النمل : 47 ] وروي عن اليهود لعنت أنها تشاءمت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : منذ دخل المدينة نقصت ثمارها وغلت أسعارها ، فردّ الله عليهم { قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ الله } يبسط الأرزاق ويقبضها على حسب المصالح { لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً } فيعلموا أن الله هو الباسط القابض ، وكل ذلك صادر عن حكمة وصواب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.