فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا} (78)

ثم بكت الفريق الخائنين بأنهم يدركهم الموت أينما كانوا ، ولو كانوا في حصون مرتفعة ، . . والغرض أنه لا خلاص لهم من الموت ، والجهاد موت مستعقب للسعادة الأبدية ، وإذا كان لا بد من الموت فوقوعه على هذا الوجه أولى . ا ه .

قال المفسرون : كانت المدينة مملوءة من النعم وقت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما ظهر عناد اليهود ونفاق المنافقين أمسك الله تعالى عنهم بعض الإمساك ، كما جرت سنته( {[1472]} ) في جميع الأمم قال : ( وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء . . ) ( {[1473]} ) ، فعند هذا قالت اليهود والمنافقون : ما رأينا أعظم شؤما من هذا الرجل ، نقصت ثمارنا ، وغلت أسعارنا منذ قدم ، فقوله تعالى : { وإن تصبهم حسنة } يعني : الخصب والرخص وتتابع الأمطار { يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة } يعني : الجدب وانقطاع الأمطار : { يقولوا هذه من عندك } يقولون : هذا من شؤم محمد ، وهذا كقوله : ( . . فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه . . ) ( {[1474]} ) ، . . . ، فلا جرم أجابهم الله تعالى بقوله " { قل كل من عند الله } وكيف لا و جميع الممكنات ، من الأفعال والذوات والصفات ، لابد من استنادها إلى الواجب بالذات ، ولهذا تعجب من حالهم وقال : { فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا } فنفى عنهم مقاربة الفقه والفهم ، فضلا عن الفقه والفهم ، . . . ،


[1472]:في الأصل: عادته، لكن القرآن الحكيم لم يجيء بمثل هذا اللفظ.
[1473]:سورة الأعراف. من الآية 94.
[1474]:سورة الأعراف. من الآية 131.