بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا} (78)

قوله تعالى : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الموت } أي في الأرض يأتيكم الموت { وَلَوْ كُنتُمْ في بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } أي في القصور الطوال المشيدة المبنية إلى السماء ، حتى لا يخلص إليه أحد من بني آدم . وقال القتبي : «البروج » : الحصون ، و «المشيدة » : المطولة وذلك أنهم لما تثاقلوا عن الخروج إلى الجهاد مخافة الموت ، فأخبرهم الله تعالى أنهم لا يموتون قبل الأجل ، إذا جاء أجلهم لا ينجون من الموت ، وإن كانوا في موضع حصين . وهذا قوله تعالى : { الذين قَالُواْ لإخوانهم وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صادقين } [ آل عمران : 168 ] ثم أخبر عن المنافقين فقال : { وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ } أي الفتح والغنيمة والخصب يقولوا : { هذه مِنْ عِندِ الله وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } أي نكبة وهزيمة { يَقُولُواْ هذه مِنْ عِندِكَ } أي من شؤمك ، يعني : أصابتنا بسببك ، أنت الذي حملتنا على هذا . { قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ الله } يقال : الرخاء والشدة ، ويقال : القدر خيره وشره من الله تعالى . ثم قال تعالى : { فَمَا لِهَؤُلاء القوم لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ } يعني المنافقين لا يكادون يفقهون { حَدِيثاً } أي لا يفهمون قولاً أن الشدة والرخاء من الله تعالى ، أي لا يسمعون ولا يفهمون ما يحدثهم ربهم في القرآن .