الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا} (78)

( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمْ الْمَوْتُ ) الآية [ 78 ] .

هذا توبيخ من الله عز وجل( {[12913]} ) لهؤلاء الذين يخشون الناس كخشية الله فراراً من الموت ، فقال لهم الله تعالى : ( أَيْنَمَا( {[12914]} ) تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ المَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ) .

قال مالك : في قصور السماء ، ألا تسمع قوله : ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ )( {[12915]} ) وقيل : معناه : " في قصور محصنة قاله قتادة . وقيل المعنى : في قصور السماء ، قاله أبو العالية( {[12916]} ) .

والمشيدة عند أهل اللغة المطولة ، والمشيدة بالتخفيف المزينة( {[12917]} ) ، وقيل : هي المعمولة بالشيد وهو الجص( {[12918]} ) .

وقال بعض الكوفيين : التخفيف والتثقيل أصلهما واحد( {[12919]} ) .

والتشديد يراد به الجمع كقولهم : غنم مذبحة ، وقباب مصنعة ، فيقال : " قصور مشيدة " على ذلك ( وَقَصْرٍ( {[12920]} ) مَّشِيدٍ )( {[12921]} ) مثل : كبش مذبوح وكباش مذبحة( {[12922]} ) .

( ومَّشِيدٍ ) مفعول : فالمشيدة على هذا المعمولة بالشيد وهو الجص وكذلك قال عكرمة( {[12923]} ) .

قوله : ( وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ) أي : رضاء أو ظفر أو غنيمة ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِكَ ) أي : شدة وهزيمة أو جراح ( يقولوا( {[12924]} ) هذه من سوء تدبيرك ) ( قُلْ ) يا محمد ( كُلٌّ مِّن عِنْدِ اللَّهِ ) أي : الشدة والرخاء ، والظفر والهزيمة ( مِّنْ عِندِ اللَّهِ ) أي : بقضائه وقدره ( فَمَالِ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ) أي : ما شأنهم لا يفقهون أن كلاً من عند الله سبحانه .

والوقف على ( فَمَالِ هَؤُلاَءِ ) لا يحسن( {[12925]} ) ، لأنه إن خالف خط المصحف لم يحسن ، وإن وقف على اللام قبح لأنه لام خفض( {[12926]} ) وقد روي عن بعضهم الوقف على اللام وهو حمزة الكسائي وعاصم( {[12927]} ) قياساً على أصولهم في اتباع السواد ، وروي عن غيرهم من القراء الوقف على ( فَمَا ) على الأصل( {[12928]} ) ، والاختيار( {[12929]} ) ألا يوقف عليه فهو أسلم وأحسن ، وليس بموضع( {[12930]} ) تمام ، وإنما تكلم فيه الناس على الاضطرار( {[12931]} ) وانقطاع النفس ، ووقع ذلك كيف يكون الوقف ، فأما أن يتعمد الوقف على هذا فلا يجوز( {[12932]} ) .


[12913]:- (أ) (ب): جل وعز.
[12914]:- في كل النسخ حيثما وهو خطأ.
[12915]:- البروج آية 1.
[12916]:- جامع البيان 5/172-173.
[12917]:- انظر: مجاز القرآن 1/132 وتفسير الغريب 132، والمفردات 219. واللسان 3/244.
[12918]:- انظر: جامع البيان 5/173.
[12919]:- انظر: المصدر السابق.
[12920]:- (د): وقضى وهو تحريف.
[12921]:- الحج آية 43.
[12922]:- انظر: جامع البيان 5/173.
[12923]:- انظر: جامع البيان 17/180.
[12924]:- (أ) (ج): يقولون وهو خطأ.
[12925]:- (د): لأحسن وهو خطأ.
[12926]:- انظر: معاني الفراء 1/278.
[12927]:- هو أبو بكر عاصم بن أبي النجود بهدلة توفي 128 هـ تابعي الثقة هو أحد القراء السبعة. انظر: معرفة القراء 1/73، وغاية النهاية 1/364.
[12928]:- (د): الأجل.
[12929]:- وقف أبو عمرو والكسائي على قوله "فما" ولا ينبغي تعمد ذلك لأن الوقف ليها فيه قطع عن الخبر. انظر: المحرر 4/183، والبحر 3/301.
[12930]:- (د): لموضع.
[12931]:- (ج) و(د): الأضرار.
[12932]:- انظر: القطع: 258.