قوله تعالى : { فَإِن كُنتَ } : في " إنْ " هذه وجهان ، الظاهر منهما : أنها شرطيةٌ ، ثم استشكلوا على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكنْ في شك قط . قال الزمخشري : " فإن قلت كيف قال لرسوله : { فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ } مع قوله للكفرة : { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } [ هود : 110 ] ؟ قلت : فرقٌ عظيم بين إثباته الشكَّ لهم على سبيل التوكيد والتحقيق ، وبين قوله : " فإن كنت " بمعنى الفَرَض والتمثيل " . وقال الشيخ : " وإذا كانت شرطيةً فقالوا : إنها تدخُل على الممكنِ وجودُه أو المحقَّقِ وجودُه المبهمِ زمنُ وقوعِه كقوله تعالى : { أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ } [ الأنبياء : 34 ] . قال " والذي أقولُه إنَّ " إنْ " الشرطية تقتضي تعليق شيءٍ على شيء ، ولا تستلزمُ تحتُّمَ وقوعِه ولا إمكانَه ، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلاً كقولِه تعالى : { إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } [ الزخرف : 81 ] ، ومستحيلٌ أن يكونَ له ولدٌ فكذلك [ هذا ] ، مستحيلٌ أن يكون في شك ، وفي المستحيل عادةً كقوله تعالى : { فَإِن اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ } [ الأنعام : 35 ] لكنَّ وقوعَها في تعليق المستحيل قليلٌ " . ثم قال : " ولمَّا خَفِي هذا الوجه على أكثر الناس اختلفوا في تخريج هذه الآية ، فقال ابن عطية : " الصواب أنها مخاطبةٌ ، والمرادُ مَنْ سواه مِنْ أمته ممَّن يمكن أن يَشُكَّ أو يعارِض " . وقيل : كنى بالشك عن الضيق . وقيل : كَنَى به عن العجب ، ووجه المجازِ فيه أن كلاً منهما فيه تَرَدُّد ، وقال الكسائي : إنْ كنت في شك أنَّ هذا عادتُهم مع الأنبياء فَسَلْهُمْ كيف كان صبر موسى عليه السلام ؟
الوجه الثاني مِنْ وجهي " إنْ " أنها نافية . قال الزمخشري : " أي : فما كنت في شك فاسأل ، يعني لا نأمرك بالسؤال لكونِك شاكَّاً ولكن لتزداد يقيناً كما ازدادَ إبراهيم عليه السلام بمعاينة إحياء الموتى . وهذا القولُ سبقه إليه الحسنُ البصري والحسين بن الفضل وكأنه فرارٌ من الإِشكال المتقدِّم في جَعْلها شرطيةً ، وقد تقدَّم جوابُه مِنْ وجوهٍ .
وقرأ يحيى وإبراهيم : " يَقْرؤون الكتب " بالجمع ، وهي مبينة أن المرادَ بالكتاب الجنسُ لا كتابٌ واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.