الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَإِن كُنتَ فِي شَكّٖ مِّمَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ فَسۡـَٔلِ ٱلَّذِينَ يَقۡرَءُونَ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكَۚ لَقَدۡ جَآءَكَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ} (94)

ثم قال تعالى : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك }[ 94 ] : أي : إن كنت يا محمد في شك من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوءتك {[31612]} ، قبل أن نبعثك رسولا {[31613]} ، لأنهم ( كانوا ) {[31614]} يجدونك في التوراة ، ويعفونك بالصفة التي أنت بها موصوف {[31615]} { فاسأل الذين يقرءون الكتاب {[31616]} من قبلك }[ 94 ] : يعني : عبد الله بن سلام {[31617]} ، وشبهه من أهل الإيمان ، والصدق منهم . وهذه مخاطبة للنبي ، والمراد به أمته {[31618]} .

وقيل : ( إن ) بمعنى ( ما ) {[31619]} ، والمعنى : فما كنت يا محمد في شك .

ثم قال : { فاسأل الذين يقرءون } سؤال ازدياد ، كما قال إبراهيم : { بلى ولكن ليطمئن قلبي } {[31620]} .

وقال المبرد : المعنى : قل يا محمد للشاك في ذلك إن كنت في شك ، فاسأل {[31621]} {[31622]} وقيل : إن هذا خطاب العرب {[31623]} : يقول الرجل لابنه : إن كنت ابني ، فَبُرَّني . وهو يعلم أنه ابنه {[31624]} . وهو نحو قوله لعيسى : { أنت قلت للناس اتخذوني وأمتي إلهين من دون الله } {[31625]} . وقد علم أنه لم يقل ذلك {[31626]} .

قال ابن جبير : ما شك محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا سأل {[31627]} ، وقال قتادة : بلغنا أن النبي عليه السلام ، قال : " لا أشك ، ولا أسأل {[31628]} " .

وروي أن رجلا سأل ابن عباس عما يحيك {[31629]} في الصدر من الشك . فقال : ما نجا من ذلك أحد ، ولا النبي حتى أنزل عليه : { فإن كنت في شك } {[31630]} .

وعنه أيضا أنه قال : لم يكن/ رسول الله {[31631]} في شك ولم يسأل {[31632]} . وهذا هو الصحيح الظاهر ، والمراد بقوله : { فإن كنت في شك } أمته .

وقوله : { لقد جاءك الحق من ربك }[ 94 ] : اللام لام التوكيد {[31633]} وفي الكلام معنى القسم .

{ من الممترين } : أي : من الشاكين {[31634]} .


[31612]:ط: نبوتك.
[31613]:ق: يفتك رسلا.
[31614]:ساقط من ق.
[31615]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/200.
[31616]:ط: مطموس.
[31617]:هو أبو يوسف عبد الله بن الحارث، كان من كبار فقهاء اليهود، وهو سلالة يوسف عليه السلام، أسلم، وحسن إسلامه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه: أبو هريرة، وعوف بن مالك، (ت: 43هـ) انظر تذكرة الحفاظ 26، الإصابة 2/304.
[31618]:انظر هذا التوجيه في: غريب القرآن 199، وجامع البيان 15/201، ومعاني الزجاج 3/32.
[31619]:وهو قول الحسن في المحرر 9/91، والجمهور على أن: (إنْ) شرطية.
[31620]:البقرة: 259 وانظر هذا التوجيه في: معاني الزجاج 3/33.
[31621]:ساقطة من ق.
[31622]:وهو قول ثعلب في: الجامع 8/244.
[31623]:ق: للعذاب.
[31624]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/202-203، وفي معاني الزجاج 3/33، نظير هذا المثال وهو قوله: (إن كنت أبي فتعطف علي).
[31625]:ما بين القوسين ساقط من ط. المائدة: 118.
[31626]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/203.
[31627]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/202.
[31628]:انظر المصدر السابق.
[31629]:ق: يحبك في الصدق.
[31630]:ذكر ابن عطية في المحرر 9/91 أن الزهراوي أنكر قول ابن عباس هذا.
[31631]:ط: صم.
[31632]:وهو أيضا مروي عن الحسن في: جامع البيان 15/202.
[31633]:ط: توكيد.
[31634]:ق: المشكين، وانظر هذا التفسير في: الجامع 8/244.