{ فَإِن كُنتَ فِي شَكّ مّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ } الشك في أصل اللغة : ضم الشيء بعضه إلى بعض ، ومنه شك الجوهر في العقد ، والشاك كأنه يضم إلى ما يتوهمه شيئاً آخر خلافه ، فيتردّد ويتحير ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد غيره ، كما ورد في القرآن في غير موضع . قال أبو عمر ، محمد بن عبد الواحد ، الزاهد : سمعت الإمامين ثعلباً والمبرد يقولان : معنى : { فَإِن كُنتَ فِي شَكّ }أي : قل يا محمد للكافر : فإن كنت في شك { فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءونَ الكتاب مِن قَبْلِكَ } يعني : مسلمي أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأمثاله ، وقد كان عبدة الأوثان يعترفون لليهود بالعلم ، ويقرّون بأنهم أعلم منهم ، فأمر الله سبحانه نبيه أن يرشد الشاكين فيما أنزله الله إليه من القرآن أن يسألوا أهل الكتاب الذين قد أسلموا ، فإنهم سيخبرونهم بأنه كتاب الله حقاً ، وأن هذا رسوله ، وأن التوراة شاهدة بذلك ناطقة به ، وفي هذا الوجه مع حسنه مخالفة للظاهر . وقال القتيبي : المراد بهذه الآية : من كان من الكفار غير قاطع بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بتصديقه ، بل كان في شك . وقيل : المراد بالخطاب : النبي صلى الله عليه وسلم لا غيره . والمعنى : لو كنت ممن يلحقه الشك فيما أخبرناك به فسألت أهل الكتاب لأزالوا عنك الشك .
وقيل : الشك هو ضيق الصدر : أي إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء ، فاصبر واسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك يخبروك بصبر من قبلك من الأنبياء على أذى قومهم . وقيل : معنى الآية : الفرض والتقدير ، كأنه قال له : فإن وقع لك شك مثلاً وخيل لك الشيطان خيالاً منه تقديراً . فاسأل الذين يقرأون الكتاب ، فإنهم سيخبرونك عن نبوّتك وما نزل عليك ، ويعترفون بذلك ، لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم ، وقد زال فيمن أسلم منهم ما كان مقتضياً لكتم ما عندهم .
قوله : { لَقَدْ جَاءكَ الحق مِن رَّبّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين } في هذا بيان ما يقلع الشك من أصله ويذهب به بجملته ، وهو شهادة الله سبحانه بأن هذا الذي وقع الشك فيه على اختلاف التفاسير في الشاك هو الحق الذي لا يخالطه باطل ، ولا تشوبه شبهة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.