مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَقَالُوٓاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَآۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

{ وَقَالُواْ إِن نَّتَّبِعِ الهدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً ءامِناً } قالت قريش : نحن نعلم أنك على الحق ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب بذلك أن يتخطفونا من أرضنا ، فألقمهم الله الحجر بأنه مكن لهم في الحرم الذي أمنه بحرمة البيت وأمن قطانه بحرمته ، والثمرات تجبى إليه من كل أوب وهم كفرة ، فأنّى يستقيم أن يعرضهم للتخطف ويسلبهم الأمن إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة الإسلام ؟ وإسناد الأمن إلى أهل الحرم حقيقة وإلى الحرم مجاز { يجبى إِلَيْهِ } وبالتاء : مدني ويعقوب وسهل أي تجلب وتجمع { ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء } معنى الكلية الكثرة كقوله { وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَىْء } [ النمل : 23 ] { رّزْقاً مّن لَّدُنَّا } هو مصدر لأن معنى { يجبى إليه } يرزق أو مفعول له أو حال من الثمرات إن كان بمعنى مرزوق لتخصصها بالإضافة كما تنصب عن النكرة المتخصصة بالصفة { ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } متعلق ب { من لدنا } أي قليل منهم يقرون بأن ذلك رزق من عند الله وأكثرهم جهلة لا يعلمون ذلك ، ولو علموا أنه من عند الله لعلموا أن الخوف والأمن من عنده ولما خافوا التخطف إذا آمنوا به .