بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالُوٓاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَآۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

قوله عز وجل : { وَقَالُواْ } يعني : مشركي مكة { إِن نَّتَّبِعِ الهدى مَعَكَ } يعني : الإيمان بك { نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا } يعني : نسبى ونخرج من مكة لإجماع العرب على خلافنا ، وهذا قول الحارث بن عامر النوفلي حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما كذبت كذبة قط ، فنتهمك اليوم ، ولكن متى ما نؤمن بك فتحسنا العرب من أرضنا يقول الله تعالى : { أو نمكن لهم حرما آمنا } يعني : أولم ننزلهم مكة حرماً أميناً يعني : كان الحرم أمناً لهم في الجاهلية من القتل والسبي ، وهم يعبدون غيري ، فكيف يخافون إن أسلموا أن لا يكون الحرم أمناً لهم ؟ فذلك قوله : { أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ } يعني أولم ننزلهم مكة حرماً آمناً من الغارة والسبي { يجبى إِلَيْهِ } بالياء يعني : يحمل إليه { ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء } أي : من ألوان الثمرات قرأ نافع { ***تجبى } بالتاء لأن الثمرات مؤنثة . وقرأ الباقون بالياء لتقديم الفعل ثم قال : { شَىْء رّزْقاً مّن لَّدُنَّا } أي : من عندنا { ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } يأكلون رزقي ، ويعبدون غيري ، وهم آمنون في الحرم ويقال لا يعلمون أن ذلك من فضل الله عليهم .