قوله تعالى : { وَإِيَّاكُمْ } : عطف على " الذين أُوتوا " وهو واجبُ الفصلِ هنا لتعذُّرِ الاتصال . واستدلَّ بعضُهم على أنه إذا قُدِر على الضمير المتصل يجوز أن يُعْدَلَ إلى المنفصل بهذه الآية ، لأنه كان يمكن أن يقال : " ولقد وَصَّيْناكم والذين أوتوا " وكذلك استُدِلَّ بقوله تعالى : { يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ } [ الممتحنة : 1 ] ، إذ يمكن أن يقالَ : يخرجونكم والرسولَ . وهذا ليس يَدُلّ له ، أمَّا الآيةُ الأولى فلأنَّ الكلامَ فيها جاء على الترتيب الوجودي ، فإنَّ وصية مَنْ قبلَنا قبلَ وصيتنا ، فلمَّا قَصَدَ هذا المعنى استحال - والحالةُ هذه- أَنْ يُقْدَر عليه متصلاً . وأما الآية الثانية فلأنه قصد فيها تقدُّمَ ذِكْرِ الرسول تشريفاً له وتشنيعاً على مَنْ تجاسر على مثلِ ذلك الفعل الفظيع ، فاستحال - والحالة هذه - أن يُجاء به متصلاً . " ومِنْ قبلكم " يجوزُ أَنْ يتعلق ب " أوتوا " ويجوز أَنْ يتعلَّق ب " وَصَّيْنا " والأولُ أظهرُ .
قوله : { أَنِ اتَّقُواْ } يجوزُ في " أن " وجهان ، أحدهما : أن تكونَ مصدريةً على حَذْفِ حرفِ الخفض تقديره : بأن اتَّقوا ، فلما حُذِف الحرفُ جَرى فيها الخلافُ المشهور . والثاني : أن تكون المفسرةَ لأنها بعد ما هو بمعنى القول لا حروفِه وهو الوصية . والظاهر أن قوله : { وَإِن تَكْفُرُواْ } جملة مستأنفة للإِخبار بهذه الحال ليست داخلة في معمول الوصية . وقال الزمخشري : " وإنْ تكفروا فإن لله " عطفٌ على " اتقوا " لأنَّ المعنى : أمرناهم وأمرناكم بالتقوى ، وقُلْنا لهم ولكم إنْ تكفروا " وفي كلامِه نظرٌ ، لأنَّ تقديرَه القولَ ينفي كونَ الجملةِ الشرطيةِ مندرجةً في حَيِّزِ الوصيةِ بالنسبة إلى الصناعة النحوية ، وهو لم يقصد تفسيرَ المعنى فقط ، بل قَصَدَه هو وتفسيرَ الإِعرابِ بدليل قوله : " عطف على " اتقوا " و " اتقوا " داخلٌ في حَيِّز الوصيةِ ، سواءً أَجَعَلْتَ " أن " مصدريةً أم مفسرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.