فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدٗا} (131)

{ ولله ما في السماوات وما في الأرض } هذه جملة مستأنفة لتقرير كمال سعته سبحانه وشمول قدرته لأن من ملكهما لا تفنى خزائنه { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب } أي أمرناهم فيما أنزلناه عليكم من الكتب ، واللام في الكتاب للجنس ، { من قبلكم } من اليهود والنصارى وأصحاب الكتب القديمة { وإياكم } يا أهل القرآن في كتابكم { أن اتقوا الله } أي أمرناهم وأمرناكم بالتقوى ، وقال الأخفش بأن اتقوا الله .

ويجوز أن تكون أن مفسرة لأن التوصية في معنى القول وهو أن توحدوه وتطيعوه وتحذروه وتخافوه ولا تخالفوا أمره ، والمعنى أن الأمر بتقوى الله شريعة قديمة أوصى الله بها جميع الأمم السالفة في كتبهم على ألسن رسلهم .

{ وإن تكفروا } أي وقلنا لهم ولكم إن تكفروا وتجاحدوا ما أوصاكم به { فإن لله ما في السماوات وما في الأرض } خلقا وملكا وعبيدا فلا يضره كفركم ، وفائدة هذا التكرير التأكيد ليتنبه العباد على سعة ملكه وينظروا في ذلك ويعلموا أنه غني عن خلقه { وكان الله غنيا } عن جميع خلقه { حميدا } مستحمدا إليهم قاله ابن عباس ، وعن علي مثله .