محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدٗا} (131)

( ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم واياكم أن اتقوا الله وان تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا131 ) .

( ولله ما في السماوات وما في الأرض ) جملة مستأنفة منبهة على كمال سعته وعظم قدرته . أي : كيف لا يكون واسعا وله ما فيهما من الخلائق والأرزاق وغيرهما ؟ فله أن يعطي ما شاء منهما لمن شاء من عبيده . وعلى هذا ، فهي متعلقة بما قبلها . أو أتى بها تمهيدا لما بعدها من العمل بوصيته ، اعلاما بأنه مالك ما في السماوات والأرض والحاكم فيهما . ولهذا قال : ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) أي : من الأمم السابقة . و ( الكتاب ) اسم جنس يتناول الكتب السماوية ( واياكم ) معطوف على ( الذين ) ( أن اتقوا الله ) أي : وصينا كلا منكم ومنهم بالتقوى . وهي عبادته وحده . لا شريك له . والمعنى : أن وصيته قديمة ما زال يوصي الله بها عباده ، ولستم بها مخصوصين . لأنهم بالتقوى يسعدون عنده ( وان تكفروا ) أي : بالله ( فإن لله ما في السماوات وما في الأرض ) أي : فهو مالك الملك كله . لا يضره كفركم . لغناه المطلق . فما الوصية الا لفلاحكم رحمة بكم . كما في الآية الأخرى ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) {[2355]} وقال تعالى : / ( فكفروا وتولوا واستغنى الله ) {[2356]} ( وكان الله غنيا ) عن عباده ( حميدا ) أي : محمودا في ذاته ، حمدوه أو لم يحمدوه .


[2355]:|14/ ابراهيم/ 8| ونصها: (وقال موسى ان تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فان الله لغني حميد8).
[2356]:|64/ التغابن/ 6| ونصها: (ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد6).