ثم أمر الله نبيه أن يرد العلم إليه { بما لبثوا } ردّاً عليهم وتفنيداً لمقالتهم .
قيل : هو من قول المتنازعين في أمرهم وهو الصحيح على مقتضى سياق الآية ، ويؤيده { قل الله أعلم بما لبثوا } جعل ذلك من الغيوب التي هو تعالى مختص بها .
وقرأ الجمهور : مائة بالتنوين .
قال ابن عطية : على البدل أو عطف البيان .
وقال الزمخشري : عطف بيان لثلاثمائة .
وحكى أبو البقاء أن قوماً أجازوا أن يكون بدلاً من مائة لأن مائة في معنى مئات ، فأما عطف البيان فلا يجوز على مذهب البصريين ، وأما نصبه على التمييز فالمحفوظ من لسان العرب المشهور أن مائة لا يفسر إلاّ بمفرد مجرور ، وإن قوله إذا عاش الفتى مائتين عاماً من الضرورات ولاسيما وقد انضاف إلى ذلك كون { سنين } جمعاً .
وقرأ حمزة والكسائي وطلحة ويحيى والأعمش والحسن وابن أبي ليلى وخلف وابن سعدان وابن عيسى الأصبهاني وابن جبير الأنطاكي مائة بغير تنوين مضافاً إلى { سنين } أوقع الجمع موقع المفرد ، وأنحى أبو حاتم على هذه القراءة ولا يجوز له ذلك .
وقال أبو عليّ : هذه تضاف في المشهور إلى المفرد ، وقد تضاف إلى الجمع .
وقرأ أبي سنة وكذا في مصحف عبد الله .
وقرأ الضحاك : سنون بالواو على إضمار هي سنون .
وقرأ الحسن وأبو عمرو في رواية اللؤلؤي عنه { تسعاً } بفتح التاء كما قالوا عشر .
ثم ذكر اختصاصه بما غاب في السموات والأرض وخفي فيها من أحوال أهلها ، وجاء بما دل على التعجب من إدراكه للمسموعات والمبصرات للدّلالة على أن أمره في الإدراك خارج عن حد ما عليه إدراك السامعين والمبصرين ، لأنه يدرك ألطف الأشياء وأصغرها كما يدرك أكبرها حجماً وأكثفها جرماً ، ويدرك البواطن كما يدرك الظواهر والضمير في { به } عائد على الله تعالى ، وهل هو في موضع رفع أو نصب وهل { أسمع } و { أبصر } أمران حقيقة أم أمران لفظاً معناهما إنشاء التعجب في ذلك خلاف مقرر في النحو .
وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون المعنى { أبصر } بدين الله { وأسمع } أي بصر بهدى الله وسمع فترجع الهاء إما على الهدى وإما على الله ذكره ابن الأنباري .
وقرأ عيسى : أسمع به وأبصر على الخبر فعلاً ماضياً لا على التعجب ، أي { أبصر } عباده بمعرفته وأسمعهم ، والهاء كناية عن الله تعالى .
والضمير في قوله { ما لهم } قال الزمخشري : لأهل السموات والأرض من { وليّ } متول لأمورهم { ولا يشرك } في قضائه { أحداً } منهم .
وقيل : يحتمل أن يعود على أصحاب الكهف أي هذه قدرته وحده .
ولم يوالهم غيره يتلطف بهم ولا أشرك معه أحداً في هذا الحكم .
ويحتمل أن يعود على معاصري الرسول صلى الله عليه وسلم من الكفار ومشاقيه ، وتكون الآية اعتراضاً بتهديد قاله ابن عطية .
وقيل : يحتمل أن يعود على مؤمني أهل السموات والأرض أي لن يتخذ من دونه ولياً .
وقيل : يعود على المختلفين في مدة لبثهم أي ليس لهم من دون الله من يتولى تدبيرهم ، فكيف يكونون أعلم منه ؟ أو كيف يعلمون من غير إعلامه إياهم ؟ وقرأ الجمهور : { ولا يشرك } بالياء على النفي .
وقرأ ابن عامر والحسن وأبو رجاء وقتادة والجحدري وأبو حيوة وزيد وحميد ابن الوزير عن يعقوب والجعفي واللؤلؤي عن أبي بكر : ولا تشرك بالتاء والجزم على النهي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.