البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا} (3)

2

{ ومن يتوكل على الله } : أي يفوض أمره إليه ، { فهو حسبه } : أي كافيه .

{ إن الله بالغ أمره } ، قال مسروق : أي لا بد من نفوذ أمر الله ، توكلت أم لم تتوكل .

وقرأ الجمهور : بالغ بالتنوين ، أمره بالنصب ؛ وحفص والمفضل وأبان وجبلة وابن أبي عبلة وجماعة عن أبي عمرو ويعقوب وابن مصرف وزيد بن علي : بالإضافة ؛ وابن أبي عبلة أيضاً وداود بن أبي هند وعصمة عن أبي عمرو : بالغ أمره ، رفع : أي نافذ أمره .

والمفضل أيضاً : بالغاً بالنصب ، أمره بالرفع ، فخرجه الزمخشري على أن بالغاً حال ، وخبر إن هو قوله تعالى : { قد جعل الله } ، ويجوز أن تخرج هذه القراءة على قول من ينصب بأن الجزأين ، كقوله :

إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن *** خطاك خفافاً أن حراسنا أسدا

ومن رفع أمره ، فمفعول بالغ محذوف تقديره : بالغ أمره ما شاء .

{ قد جعل الله لكل شيء قدراً } : أي تقديراً وميقاتاً لا يتعداه ، وهذه الجمل تحض على التوكل .

وقرأ جناح بن حبيش : قدراً بفتح الدال ، والجمهور بإسكانها .