أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (1)

شرح الكلمات :

{ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } : أي كفروا بتوحيد الله ولقائه وبآياته ورسوله وصدوا غيرهم عن الدخول في الإِسلام .

{ أضل أعمالهم } : أي أحبط أعمالهم الخيرية كإِطعام الطعام وصلة الأرحام فلا يرى لها أَثَرُ يوم القيامة .

المعنى :

قوله تعالى { الذين كفرا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم } هذه جملة خبريّة أخبر تعالى فيها عن حال من كفر بالله ورسوله وصد عن سبيل الله أي الإِسلام غيره من الناس أضل الله عمله فأحبطه فلم يحصل له ثواب في الآخرة ، ولازمه أنه هالك في النار ، وتكون هذه الجملة كأنها جواب السؤال نشأ عن قوله تعالى في خاتمة سورة الأحقاف قبل هذه السورة وهي فهل يُهلك إلاّ القوم الفاسقون أي ما يهلك إلاّ القوم الفاسقون فقال قائل من هم القوم الفاسقون ؟ فكان الجواب الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وهو وجه ارتباط بين السورتين حسن .

/ذ3

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة محمد

مدنية وآياتها ثمان وثلاثون

قوله عز وجل : { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم } أبطلها فلم يقبلها وأراد بالأعمال ما فعلوا من إطعام الطعام وصلة الأرحام ، قال الضحاك : أبطل كيدهم ومكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وجعل الدائرة عليهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة القتال ، وهي سورة محمد صلى الله عليه وسلم ، مدنية في قول ابن عباس ، ذكره النحاس . وقال الماوردي : في قول الجميع إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا : إلا آية منها نزلت عليه بعد حجة الوداع حين خرج من مكة ، وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنا عليه ، فنزل عليه " وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك " {[1]} [ محمد : 13 ] . وقال الثعلبي : إنها مكية ، وحكاه ابن هبة الله عن الضحاك وسعيد بن جبير . وهي تسع وثلاثون آية . وقيل ثمان .

قال ابن عباس ومجاهد : هم أهل مكة كفروا بتوحيد الله ، وصدوا أنفسهم والمؤمنين عن دين الله وهو الإسلام بنهيهم عن الدخول فيه ، وقاله السدي . وقال الضحاك : " عن سبيل الله " عن بيت الله بمنع قاصديه . ومعنى " أضل أعمالهم " : أبطل كيدهم ومكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وجعل الدائرة عليهم ، قال الضحاك . وقيل : أبطل ما عملوه في كفرهم بما كانوا يسمونه مكارم ، من صلة الأرحام وفك الأسارى وقرى الأضياف وحفظ الجوار . وقال ابن عباس : نزلت في المطعمين ببدر ، وهم اثنا عشر رجلا : أبو جهل ، والحارث بن هشام ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبي وأمية ابنا خلف ، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج ، وأبو البختري بن هشام ، وزمعة بن الأسود ، وحكيم بن حزام ، والحارث بن عامر بن نوفل .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مدنية ، وآياتها تسع وثلاثون آية . وهي فيها من عظيم الأحكام والأخبار والواعظ ما فيه مزدجر وذكرى لأولى الطبائع السليمة . فضلا عن حلاوة النغم الذي يتجلى في حرف الميم من خواتيم الآيات في هذه السورة . لا جرم أن هذا الجرس الموحي ينشر في أطواء النفس ظلالا من نسائم شتى من البهجة والرهبة والإدّكار .

على أن السورة مبدوءة بالإشارة إلى حبوط الأعمال للكافرين ، وإن صلحت أو كثرت فإنه ما من عمل من الصالحات يأتيه كافر إلا كان صائرا إلى البطلان والحبوط . بخلاف المؤمن فإنه يجزى بعمله خير الجزاء . وتتضمن السورة تحريضا للمؤمنين على قتال الكافرين في ساحات الجهاد ليثخنوا فيهم القتل وليشدوا فيهم وثاق الأسارى منهم . ولهم بعد ذلك الخيار في المن أو المفاداة أو القتل ، تبعا لما يقتضيه مصلحة الإسلام والمسلمين .

وفي السورة وصف للجنة ونعيمها الدائم ، فإن فيها من الخيرات والطيبات ومحاسن العيش الراغد ما تعجز عن تصوره أذهان البشر ويعز على القلم أن يصفها . وفي مقابلة ذلك عذاب جهنم وما فيها من شديد الويلات وعظائم الأمور . وتتضمن السورة كذلك كشفا لحقيقة المنافقين الذين فسدت فيهم الأرواح والطبائع وتبلدت فيهم الضمائر والقلوب فما يستمرئون بعد ذلك الخداع والغش والتحيّل . إلى غير ذلك من الحقائق والأفكار والأخبار والمواعظ والتحذير .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم1 والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم 2 ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم } .

يبين الله في ذلك أن الكافرين لا قيمة ولا وزن لأعمالهم وإن كانت في الخير ، فإنهم مع كفرهم وتكذيبهم بدين الله وبعقيدة التوحيد ، وإنكارهم لليوم الآخر لن يتقبل الله منهم عملا فما جزاؤهم عقب ذلك كله إلا النار . وهو قوله : { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم } والمراد بذلك عموم الكافرين الذين يصدون الناس عن دين الله وهو الإسلام ، ويكرّهون إلى البشرية عقيدة التوحيد ، ومنهج الحق ليجتنبوه اجتنابا ، ولينحرفوا عنه أيما انحراف . أولئك الأشقياء المضلون عن سبيل الله وهو الإسلام { أضل أعمالهم } أي جعل الله أعمالهم ضلالا وضياعا فلا وزن لها ولا اعتبار . وهي بذلك هباء منثورا ليس لها في ميزان الله أيما قيمة ولو بمثقال قطمير ، لأن شرط القبول معدوم من أعمالهم وهو الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر والتصديق الكامل بمنهج الله وهو الإسلام . فما يعلمه المرء في كفره أو نفاقه من وجوه الأعمال النافعة كصلة الأرحام وإطعام الجياع والأضياف والمحاويج وبناء الدور لأهل الحاجة وغير ذلك من وجوه الخير والمعروف ، كل ذلك ليس له عند الله أيما وزن أو اعتبار .

وقيل : أبطل الله كيد الكافرين الذين يمكرون بالإسلام والمسلمين ، وجعل الدائرة عليهم .