أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا} (72)

شرح الكلمات :

{ إنا عرضنا الأمانة } : أي ما ائتمن عليه الإِنسان من سائر التكاليف الشرعية وما ائتمنه عليه أخوه من حفظ مال أو قول أو عرض أو عمل .

{ فأبين أن يحملنها وأشفقن منها } : أي رفضن الالتزام بها وخفن عاقبة تضييعها .

{ وحملها الإِنسان } : أي آدم وذريَّته .

{ إنه كان ظلوما جهولاً } : أي لأنه كان ظلوماً أي كثير الظلم لنفسه جهولاً بالعواقب .

المعنى :

وقوله تعالى : { إنا عرضنا الأمانة } يخبر تعالى منبهاً محذراً فيقول : { إنا عرضنا الأمانة } وهي شاملة للتكاليف الشرعية كلها ولكل ما ائتمن عليه الإِنسان من شيء يحفظه لمن ائتمنه عليه حتى يرده إليه عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال بعد أن خلق لها عقلاً ونطقاً ففهمت الخطاب وردت الجواب فأبت تحملها بثوابها وأشفقت وخافت من تبعتها ، وعرضت على الإِنسان آدم فحملها بتبعتها من ثواب وعقاب لأنه كان ظلوماً لنفسه يوردها موارد السوء جهولاً بعواقب الأمور . هذا ما دلت عليه الآية الرابعة ( 72 ) وهي قوله تعالى { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبَيْنَ أن يحملنها وأشفقن منها ، وحملها الإِنسان إنه كان ظلوماً جهولاً } .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب رعاية الأمانة وأدائها ، ولم يخل أحد من أمانة .

- وصف الإِنسان بالظلم والجهل وبالكفر والمهانة والضعف في آيات أخرى يستلزم طلب علاج لهذه الصفات . وعلاجها جاء مبيناً في سورة المعارج في قوله { إلا المصلين } إلى قوله { والذين هم على صلاتهم يحافظون } .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا} (72)

{ إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال } : { الأمانة } هي التكاليف الشرعية من التزام الطاعات وترك المعاصي ، وقيل : هي الأمانة في الأموال ، وقيل : غسل الجنابة ، والصحيح العموم في التكاليف ، وعرضها على السموات والأرض والجبال يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون الله خلق لها إدراكا فعرضت عليها الأمانة حقيقة فأشفقت منها وامتنعت من حملها .

الثاني : أن يكون المراد تعظيم شأن الأمانة ، وأنها من الثقل بحيث لو عرضت على السموات والأرض والجبال ، لأبين من حملها وأشفقن منها ، فهذا ضرب من المجاز كقولك عرضت الحمل العظيم على الدابة فأبت أن تحمله ، والمراد أنها لا تقدر على حمله .

{ وحملها الإنسان } أي : التزم الإنسان القيام بالتكاليف مع شدة ذلك وصعوبته على الأجرام التي هي أعظم منه ، ولذلك وصفه الله بأنه ظلوم جهول ، والإنسان هنا جنس ، وقيل : يعني آدم ، وقيل : قابيل الذي قتل أخاه .