أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (32)

شرح الكلمات :

{ ثم أورثنا الكتاب } : أي الكتب التي سبقت القرآن إذ محصلها في القرآن الكريم .

{ الذين اصطفينا } : أي اخترنا المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

{ فمنهم ظالم لنفسه } : بارتكاب الذنوب .

{ ومنهم مقتصد } : مؤدٍ للفرائض مجتنب للكبائر .

{ ومنهم سابق بالخيرات } : مؤدٍ للفرائض والنوافل مجتنب للكبائر والصغائر .

{ بإذن الله } : أي بتوفيقه وهدايته .

{ ذلك } : أي إيرائهم الكتاب هو الفضل الكبير .

المعنى :

وقوله تعالى : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } يخبر تعالى أنه أورث أمة الإِسلام الكتاب السابق إذ كل ما في التوراة والإِنجيل من حق وهدى قد حواه القرآن الكريم فأُمه القرآن قد ورَّثها الله تعالى كل الكتاب الأول . وقوله تعالى : { فمنهم ظالم لنفسه } بالتقصير في العمل وارتكاب بعض الكبائر ، { ومنهم مقتصد } وهو المؤدى للفرائض المجتنب للكبائر ، { ومنهم سابق للخيرات بإذن الله } وهو المؤدى للفرائض والنوافل المجتنب للكبائر والصغائر .

وقوله : { ذلك } أي الإِيراث للكتاب هو الفضل الإِلهي الكبير وهو { جنات عدن يدخلونها يوم القيامة يحلون فيها من أساور } .

الهداية

من الهداية :

- بيان شرف هذه الأمة ، وأنها الأمة المرحومة فكل من دخل الإِسلام بصدق وأدى الفرائض واجتنب المحارم فهو ناج فائز ومن قصر وظلم نفسه بارتكاب الكبائر ومات ولم يشرك بالله شيئاً فهو آثيل إلى دخول الجنة راجع إليها بإذن الله .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (32)

{ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا } : يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم والتوريث عبارة عن أن الله أعطاهم الكتاب بعد غيرهم من الأمم .

{ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } قال عمر وابن مسعود وابن عباس وكعب وعائشة وأكثر المفسرين هذه الأصناف الثلاثة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالظالم لنفسه العاصي والسابق التقي والمقتصد بينهما وقال الحسن : السابق من رجحت حسناته على سيئاته ، والظالم لنفسه من رجحت سيئاته والمقتصد من استوت حسناته وسيئاته وجميعهم يدخلون الجنة وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له ) وقيل : الظالم الكافر والمقتصد المؤمن العاصي والسابق التقي فالضمير في منهم على هذا يعود على العباد وأما على القول الأول فيعود على { الذين اصطفينا } وهو أرجح وأصح لوروده في الحديث ، وجلالة القائلين به ، فإن قيل : لم قدم الظالم ووسط المقتصد وأخر السابق ؟ فالجواب : أنه قدم الظالم لنفسه رفقا به لئلا ييئس وأخر السابق لئلا يعجب بنفسه ، وقال الزمخشري : قدم الظالم لكثرة الظالمين وأخر السابق لقلة السابقين .

{ ذلك هو الفضل الكبير } إشارة إلى الاصطفاء .