أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (22)

شرح الكلمات :

{ ومن يسلم وجهه إلى الله } : أي أقبل على طاعته مخلصاً له العبادة لا يلتفت إلى غيره من سائر خلقه .

{ وهو محسن } : أي والحال انه محسن في طاعته إخلاصا واتباعاً .

{ فقد استمسك بالعروة الوثقى } : أي تعلّق بأوثق ما يتعلق به فلا يخاف انقطاعه بحال .

{ وإلى الله عاقبة الأمور } : أي مرجع كل الأمور إلى الله سبحانه وتعالى .

المعنى

بعد إقامة الحجة على المشركين في عبادتهم غير الله وتقليدهم لآبائهم في الشرك والشر والفساد قال تعالى مرغباً في النجاة داعياً إلى الإِصلاح : { ومن يُسلم وجهه إلى الله } أي يقبل بوجهه وقلبه على ربه يعبده مُتذللاً له خاضعاً لأمره ونهيه . { وهو محسن } أي والحال أنه محسن في عبادته إخلاصا فيها لله ، واتباعا في أدائها لرسول الله { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي قد أخذ بالطرف الأوثق فلا يخاف انقطاعاً أبدا وقوله تعالى : { وإلى الله عاقبة الأمور } يخبر تعالى أن مَردَّ الأمور كلها لله تعالى يقضي فيها بما يشاء فليفوِّض العبد أموره كلها لله إذ هي عائدة إليه فيتخذ بذلك له يداً عند ربه ، وقوله لرسوله : { ومن كفر فلا يحزنك كفره } .

الهداية :

من الهداية :

- بيان نجاة أهل لا إله إلا الله وهم الذين عبدوا الله وحده بما شرع لهم على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ} (22)

قوله تعالى : " ومن يسلم وجهه إلى الله " أي يخلص عبادته وقصده إلى الله تعالى . " وهو محسن " لأن العبادة من غير إحسان ولا معرفة القلب لا تنفع . نظيره : " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن " {[12612]} [ طه : 112 ] . وفي حديث جبريل قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ قال : ( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) . " فقد استمسك بالعروة الوثقى " قال ابن عباس : لا إله إلا الله ؛ وقد مضى في " البقرة " {[12613]} . وقد قرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه والسلمي وعبد الله بن مسلم بن يسار : " ومن يسلم " . النحاس : و " يسلم " في هذا أعرف ؛ كما قال عز وجل : " فقل أسلمت وجهي{[12614]} لله " [ آل عمران : 20 ] ومعنى : " أسلمت وجهي لله " قصدت بعبادتي إلى الله عز وجل ، ويكون " يسلم " على التكثير . إلا أن المستعمل في سلمت أنه بمعنى دفعت . يقال سلمت في الحنطة ، وقد يقال أسلمت . الزمخشري : قرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : " ومن يسلم " بالتشديد ، يقال : أسلم أمرك وسلم أمرك إلى الله تعالى ، فإن قلت : ماله عدي بإلى ، وقد عدي باللام في قول عز وجل : " بلى من أسلم وجهه{[12615]} لله " ؟ [ البقرة : 112 ] قلت : معناه مع اللام أنه جعل وجهه وهو ذاته ونفسه سالما لله ، أي خالصا له . ومعناه مع إلى راجع إلى أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه . والمراد التوكل عليه والتفويض إليه . " وإلى الله عاقبة الأمور " أي مصيرها .


[12612]:راجع ج 11 ص 248 فما بعد.
[12613]:راجع ج 3 ص 279.
[12614]:راجع ج 4 ص 45.
[12615]:راجع ج 2 ص 74 فما بعد.