التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۚ وَأَلۡقَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ كُلَّمَآ أَوۡقَدُواْ نَارٗا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادٗاۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (64)

{ وقالت اليهود يد الله مغلولة } : غل اليد كناية عن البخل وبسطها كناية عن الجود ومنه :{ ولا تجعل يدك مغلولة }[ الإسراء :29 ] : أي لا تبخل كل البخل ، { ولا تبسطها كل البسط } : أي لا تجد كل الجود ، وروي : أن اليهود أصابتهم سنة جهد فقالوا : هذه المقالة الشنيعة ، وكان الذي قالها فنحاص ، ونسبت إلى جملة اليهود ، لأنهم رضوا بقوله :{ غلت أيديهم } يحتمل أن يكون دعاء أو خبرا ، ويحتمل أن يكون في الدنيا أو في الآخرة ، فإن كان في الدنيا ، فيحتمل أن يراد به البخل أو غل أيديهم في الأسر ، وإن كان في الآخرة ، فهو جعل الأغلال في جهنم .

{ بل يداه مبسوطتان } عبارة عن إنعامه وجوده ، وإنما ثنيت اليدان هنا وأفردت في قول اليهود :{ يد الله مغلولة } ، ليكون ردا عليهم ومبالغة في وصفه تعالى بالجود : كقول العرب فلان يعطي بكلتا يديه إذا كان عظيم السخاء .

{ كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله } إيقاد النار عبارة عن محاولة الحرب ، وإطفاؤها عبارة عن خذلانهم وعدم نصرهم ، ويحتمل أن يراد بذلك أسلافهم ، أو يراد من كان معاصرا للنبي صلى الله عليه وسلم منهم ، من يأت بعدهم ، فيكون على هذا إخبار بغيب ، وبشارة للمسلمين .