صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۚ وَأَلۡقَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ كُلَّمَآ أَوۡقَدُواْ نَارٗا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادٗاۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (64)

{ يد الله مغلولة }قال اليهود ذلك حين كف الله عنهم ما بسط لهم من الرزق ، عقوبة على عصيانهم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكنوا بذلك عن بخله تعالى بالعطاء ، كما يكنى ببسط اليد عن الجود و السخاء . ومثله في الكناية عن البخل : فلان جعد الأنامل ، ومقبوض الكف .

{ غلت أيديهم }دعاء عليهم بالبخل ، ومن ثم كان اليهود أبخل خلق الله . أو دعاء عليهم بأن يعذبوا في جهنم بالأغلال ، فتشد أيديهم إلى أعناقهم بها جزاء هذه الكلمة الشنيعة . { ولعنوا بما قالوا }أي أبعدوا عن رحمة الله بسببه . هو دعاء ثان عليهم . { بل يداه مبسوطتان }أي بالجود والعطاء الذي لا نهاية له . { ينفق كيف يشاء }{ إن ربك يبسط الزرق لمن يشاء ويقدر }{[125]} . وتقدم القول في آيات الصفات ومنها صفة اليد في المقدمة{[126]} { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء }أي بين طوائف اليهود ، فهم طوائف متعادية متباغضة في الدين ولا يزالون كذلك . ولا يخلوا أحد منهم من الحسد والأثرة ، وهما غرس نكد خبيث ، لا ينبت إلا شرا و عداوة وبغضا . والعداوة : أخص من البغضاء ، فإن كل عدو مبغض ، وقد يبغض من ليس بعدو . { كلما أوقدوا نارا للحرب }أي كلما أرادوا كيدا وشرا للمؤمنين صرفه الله

عنهم ، وكلما أرادوا حربا غلبوا . وقيل : المراد كلما أرادوا محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم ردهم الله وقهرهم ، بحل عزائمهم وإلقاء الرعب في قلوبهم .


[125]::آية 30 الإسراء
[126]:: المسألة الرابعة ص 8