تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَا تَهِنُواْ وَتَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلسَّلۡمِ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن يَتِرَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (35)

ثم قال لعباده المؤمنين : { فَلا تَهِنُوا } أي : لا تضعفوا عن الأعداء ، { وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ } أي : المهادنة والمسالمة ، ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عَدَدِكم وعُدَدِكُمْ ؛ ولهذا قال : { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ } أي : في حال علوكم على عدوكم ، فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة {[26724]} بالنسبة إلى جميع المسلمين ، ورأى الإمام في المعاهدة والمهادنة مصلحة ، فله أن يفعل ذلك ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده كفار قريش عن مكة ، ودعوه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين ، فأجابهم إلى ذلك .

وقوله : { وَاللَّهُ مَعَكُمْ } فيه بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء ، { وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } أي : ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها ، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا .


[26724]:- (2) في ت: "فئة كثيرة".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَا تَهِنُواْ وَتَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلسَّلۡمِ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن يَتِرَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (35)

{ فلا تهنوا } فلا تضعفوا . { وتدعوا إلى السلم } ولا تدعوا إلى الصلح خورا وتذللا . ويجوز نصبه بإضمار إن وقرئ " ولا تدعوا " من ادعى بمعنى دعا ، وقرئ أبو بكر و حمزة بكسر السين . { وأنتم الأعلون } الأغلبون . { والله معكم } ناصركم . { ولن يتركم أعمالكم } ولن يضيع أعمالكم ، من وترت الرجل إذا قتلت متعلقا به من قريب أو حميم فأفردته منه من الوتر ، شبه به تعطيل ثواب العمل وإفراده منه .