نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَلَا تَهِنُواْ وَتَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلسَّلۡمِ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن يَتِرَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (35)

ولما قدم سبحانه ذم الكفرة وأنه عليهم وأنه يبطل أعمالهم في الدنيا في الحرب وغيرها ، وختم بأن عداوته لهم متحتمة لا انفكاك لها ، وكان ذلك موجباً للاجتراء عليهم ، سبب عنه قوله مرغباً لهم في لزوم الجهاد{[59931]} محذراً من تركه : { فلا تهنوا } أي تضعفوا ضعفاً يؤدي بكم إلى الهوان والذل { وتدعوا } أي أعداءكم { إلى السلم } أي المسالمة وهي الصلح { وأنتم } أي والحال أنكم { الأعلون } على كل من ناواكم لأن الله عليهم ، ثم عطف على الحال قوله : { والله } أي الملك الأعظم الذي لا يعجزه شيء ولا كفوء له { معكم } أي بنصره ومعونته وجميع ما يفعله الكريم إذا كان مع غيره ، ومن علم أن سيده معه وعلم أنه قادر على ما يريد لم يبال بشيء أصلاً { ولن يتركم أعمالكم * } أي-{[59932]} فيسلبكموها فيجعلكم وتراً منها بمعنى أنه يبطلها كما يفعل مع أعدائكم في إحباط أعمالهم فيصيرون مفردين عنها لأنكم لم تبطلوا أعمالكم بجعل الدنيا محط أمركم ، فلا يجوز لإمام المسلمين أن يجيب{[59933]} إلى مسالمة الكفار وبه قوة على مدافعتهم ، ولا يحل له ترك الجهاد إلا لمعنى يظهر فيه النظر-{[59934]} للمسلمين ، ومتى لم يجاهد في سبيل الله انصرف بأسه إلى المسلمين .


[59931]:زيدت الواو في الأصل و ظ، ولم تكن في م ومد فحذفناها.
[59932]:زيد من م ومد.
[59933]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: يحث.
[59934]:زيد من م ومد.