قوله : { فَلاَ تَهِنُواْ وتدعوا إِلَى السلم } يجوز جزم «تَدْعُوا » عطفاً على فعل النهي ونصبه بإضمار أن في جواب النهي . وقرأ أبو عبد الرحمن : بتشديد الدال{[51538]} فقال الزمخشري : مِن ادَّعَى القَوْمُ وتَدَاعَوْا مثل ارْتَمَوا الصَّيَد ، وتَرَامَوْا{[51539]} . وقال غيره : بمعنى تغتروا . وتقدم الخلاف في السِّلْمِ{[51540]} .
لما بين أن عمل الكافر الذي له صورة الحسنات يحبط وذنبه الذي هو أقبح السيئات غير مغفور وأمر بطاعة الله وطاعة الرسول أمر بالقتال فقال : «فَلاَ تَهِنُوا » أي لا تَضْعُفُوا بعدما وجد السبب وهو الأمر بالجِدِّ والاجتهاد في القتال فقال : { فَلاَ تَهِنُواْ وتدعوا إِلَى السلم } أي إلى الصلح ابتداء فمنع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح وأمرهم بحربهم حتى يسلموا .
قوله : { وَأَنتُمُ الأعلون } جملة حالية ، وكذلك { والله مَعَكُمْ } وأصل الأَعْلونَ الأَعْلَيُونَ فَأُعِلًّ{[51541]} .
قال ابن الخطيب : أصله في الجمع الموافق أَعْلَيُونَ ومُصْطَفَيُونَ فسكنت الياء لكونها حرف علة تحرك ما قبله والواو كانت ساكنة فالتقى ساكنان فلم يكن بُدٌّ من حذف أحَدِهِما وتحريك الآخر والتحريك كان قد ثبت في المحذور{[51542]} الذي اجتنب منه فوجب الحذف{[51543]} {[51544]} والواو فيه كانت لمعنى لا يستفاد إلاَّ منها وهو الجمع فأسقطت الياء وبقي أَعْلَوْنَ .
وبهذا الدليل صار في الجرِّ أَعْلَيْنَ ومُصْطَفَيْنَ . ومعنى الأعلون الغالبون قال الكلبي : أخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات { والله مَعَكُمْ } بالعَوْنِ والنُّصْرَةِ .
قوله : { وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } أي ينقصكم أو يفردكم عنها ، فهو من وَتَرْتُ الرَّجُلَ إذا قتلت له قتيلاً أو نَهَبْتَ مَالَهُ . أو من الوتْر وهو{[51545]} الانفْراد{[51546]} . وقيل : كلا المعنيين يرجع إلى الإفْراد ، لأن من قُتَل له قتيل ، أو نهبَ له مال فقد أفرد عينه فمعنى : «لن يتركم أعمالكم » لَنْ يَنْقُصكُمْ شيئاً من ثواب أعمالكم يقال : وَتَرَه يَتِرُهُ وَتْراً وترَةً إذَا نقصه حَقَّهُ .
قال ابن عباس : ( رضي الله عنهما ) وقتادة والضحاك : لن يَظْلِمَكُمْ أعمالكم الصالحة أن يؤتيكم أجورها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.