بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَلَا تَهِنُواْ وَتَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلسَّلۡمِ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن يَتِرَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (35)

قوله تعالى : { فَلاَ تَهِنُواْ } يعني : لا تضعفوا عن عدوكم { وَتَدْعُواْ إِلَى السلم } يعني : إلى الصلح . أي : لا تهنوا ، ولا تدعوا إلى الصلح نظير .

قوله تعالى : { وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل وَتَكْتُمُواْ الحق وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 42 ] يعني : ولا تكتموا الحق وفي هذه الآية دليل على أن أيدي المسلمين ، إذا كانت عالية على المشركين ، لا ينبغي لهم أن يجيبوهم إلى الصلح ، لأن فيه ترك الجهاد . وإن لم تكن يدهم عالية عليهم ، فلا بأس بالصلح لقوله تعالى : { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّهُ هُوَ السميع العليم } [ الأنفال : 61 ] يعني : إن مالوا للصلح فمل إليه . قرأ حمزة في رواية أبي بكر : إلى السلم بكسر السين . والباقون : بالنصب . قال بعضهم : وهما لغتان . وقال بعضهم : أحدهما صلح ، والآخر استسلام .

ثم قال : { وَأَنتُمُ الاْعْلَوْنَ } يعني : العالين يكون آخر الأمر لكم { والله مَعَكُمْ } يعني : معينكم ، وناصركم ، { وَلَن يَتِرَكُمْ أعمالكم } يعني : لن ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئاً . يقال : وترتني حقي يعني : بخستني فيه . وقال مجاهد : لن ينقصكم . وقال قتادة : لن يظلمكم .