تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

وقوله : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ } قال ابن عباس : أي من حجة .

وقال الحسن البصري : والله ما ضربهم بعصا ، ولا أكرههم على شيء ، وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم إليها فأجابوه .

وقوله : { إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ } أي : إنما سلطناه عليهم ليظهرَ أمر مَنْ هو مؤمن بالآخرة وقيامها والحساب فيها والجزاء ، فيُحسِنَ عبادة ربه عز وجل في الدنيا ، ممن هو منها في شك .

وقوله : { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } أي : ومع حفظه ضَلّ من ضَلّ من اتباع إبليس ، وبحفظه وكلاءته سَلِم مَنْ سلم من المؤمنين أتباع الرسل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالاَخِرَةِ مِمّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكّ وَرَبّكَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ حَفُيظٌ } .

يقول تعالى ذكره : وما كان لإبليس على هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم من حُجة يضلهم بها ، إلا بتسليطناه عليهم ، لُيعلم حزبُنا وأولياؤنا مَنْ يُؤْمِنُ بالاَخِرَةِ يقول : من يصدّق بالبعث والثواب والعقاب مِمّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكَ فلا يُوقِن بالمعاد ، ولا يصدّق بثواب ولا عقاب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ قال : قال الحسن : والله ما ضربهم بعصا ولا سَيف ولا سَوْط ، إلا أمانيّ وغرورا دعاهم إليها .

قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : إلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بالاَخِرَةِ مِمّنْ هُوَ مِنْها فِي شكّ قال : وإنما كان بلاءً ليَعلم الله الكافر من المؤمن .

وقيل : عُنِي بقوله : إلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بالاَخِرَةِ إلا لنعلم ذلك موجودا ظاهرا ليستحقّ به الثواب أو العقاب .

وقوله : وَرَبّكَ على كُلّ شَيْءٍ حَفِيظٌ يقول تعالى ذكره : وربك يا محمد على أعمال هؤلاء الكفرة به ، وغير ذلك من الأشياء كلها حَفِيظٌ لا يعزب عنه علم شيء منه ، وهو مُجازٍ جميعَهم يوم القيامة ، بمِا كسبوا في الدنيا من خير وشرّ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

{ وما كان له عليهم من سلطان } تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستغواء . { إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك } إلا ليتعلق علمنا بذلك تعلقا يترتب عليه الجزاء ، أو ليتميز المؤمن من الشاك ، أو ليؤمن من قدر إيمانه ويشك من قدر ضلاله ، والمراد من حصول العلم حصول متعلقة مبالغة ، في نظم الصلتين نكتة لا تخفى . { وربك على كل شيء حفيظ } محافظ والزنتان متآخيتان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

و «السلطان » الحجة ، وقد يكون الاستعلاء والاستقدار ، إذ اللفظ من التسلط ، وقال الحسن بن أبي الحسن : والله ما كان له سيف ولا سوط ولكنه استمالهم فمالوا بتزيينه ، وقوله تعالى : { إلا لنعلم } أي لنعلمه موجوداً ، لأن العلم به متقدم أزلاً ، وقرأت فرقة «إلا ليُعلم » بالياء على ما لم يسم فاعله .