فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

{ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ } أي من تسلط عليهم أي لم يكرههم على الكفر وإنما كان منه الدعاء والوسوسة والتزيين ، وقيل : الضمير في عليهم يعود على من صدق عليهم ظن إبليس وعلى الفريق المؤمنين ، وقيل السلطان القوة ، وقيل الحجة ، والاستثناء في قوله :

{ إِلا لِنَعْلَمَ } منقطع والمعنى لا سلطان له عليهم ، ولكن ابتليناهم بوسوسته لنعلم ، وقال الفراء : المعنى إلا لنعلم ذلك عندكم ، وقيل : إلا لتعلموا أنتم ، وقيل : ليعلم أولياؤنا والملائكة وقرئ ، ليعلم على البناء للمفعول والأولى حمل العلم هنا على التمييز والإظهار كما ذكرنا ، وقيل : إلا لنعلم موجودا ما علمناه معدوما ، والتغير على المعلوم لا على العلم ، وقيل : هو متصل مفرغ من أعم الأحوال أي ما كان له تسلط عليهم بحال من الأحوال ولا لعلة من العلل إلا ليتميز .

{ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ } لأنه سبحانه قد علم ذلك علما أزليا { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } أي محافظ عليه فالحفظ يدخل في مفهومه العلم والقدرة إذ الجاهل بالشيء لا يمكنه حفظه ولا العاجز ، قال مقاتل : علم كل شيء من الإيمان والشك .