تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

15

{ وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو في شك وربك على كل شيء حفيظ } .

المفردات :

سلطان : تسلط واستيلاء .

لنعلم : لنعرف ونميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها .

حفيظ : محافظ رقيب .

التفسير :

لم يكن للشيطان عليهم سلطان قاهر لا يملكون مقاومته بل كل ما كان منه هو الإغواء والوسوسة والتزيين وذلك للاختبار والابتلاء ليظهر أمام الواقع من يؤمن بالآخرة فيعصمه إيمانه من الانحراف ومن هو من الآخرة في شك فهو يتأرجح أو يستجيب للغواية بلا عاصم من رقابة الله ولا تطلع لليوم الآخر .

وهذا التعقيب الذي ذكر في ختام قصة سبأ أمر عام ينطبق على قصة كل قوم بل كل فرد في كل مكان وفي كل زمان .

الله خلقنا في هذه الدنيا للاختبار والابتلاء وحذرنا من الشيطان وبين لنا أنه عدو مبين ومع هذا فمنا من يطيعه رغبة في اتباع الهوى ، وضعفنا أمام الشهوات والنزوات ومنا من يصبر ويستمسك بهداية الله فيعينه الله .

قال الحسن البصري والله ما ضربهم الشيطان بعصا ولا أكرههم على شيء وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم إليها فأجابوه .

{ وربك على كل شيء حفيظ } .

أي هون مطلع وشاهد ورقيب فلا يند عنه شيء ولا يغيب ولا يهمل شيئا ولا يضيع وبهذا يتسع مجال التعقيب فلا يعود قاصرا على قصة سبأ وإنما يصلح تقريرا لحال البشر أجمعين فهي قصة الغواية والهداية وملابساتها وأسبابهما ونتائجهما في كل حال .

وفي معنى الآية قوله تعالى : وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم . ( إبراهيم : 22 ) .

***