البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

{ وما كان له } : أي لإبليس ، { عليهم من سلطان } : أي من تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستواء ، ولا حجة إلا الحكمة بينه وبين تميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها ، وعلل التسلط بالعلم ، والمراد ما تعلق به العلم ، قاله الزمخشري .

وقال ابن عطية : { إلا لنعلم } موجوداً ، لأن العلم متقدم أولاً . انتهى .

وقال معناه ابن قتيبة ، قال : لنعلم حادثاً كما علمناه قبل حدوثه .

وقال قتادة : ليعلم الله به المؤمن من الكافر عاماً ظاهراً يستحق به العقاب والثواب ؛ وقيل : ليعلم أولياؤنا وحزبنا .

وقال الحسن : والله ما كان له سوط ولا سيف ، ولكنه استمالهم فمالوا بتزيينه . انتهى .

كما قال تعالى عنه : { ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } وقرأ الزهري : إلا ليعلم ، بضم الياء وفتح اللام ، مبنياً للمفعول .

وقال ابن خالويه : إلا ليعلم من يؤمن بالياء .

{ وربك على كل شيء حفيظ } ، إما للمبالغة عدل إليها عن حافظ ، وإما بمعنى محافظ ، كجليس وخليل .

والحفظ يتضمن العلم والقدرة ، لأن من جهل الشيء وعجز لا يمكنه حفظه .