فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَا كَانَ لَهُۥ عَلَيۡهِم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يُؤۡمِنُ بِٱلۡأٓخِرَةِ مِمَّنۡ هُوَ مِنۡهَا فِي شَكّٖۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (21)

{ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين20 وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ21 }

ظن إبليس أنه ما دام قد ضعف الوالد أمام وسوسته فسيكون الولد أضعف ، فبان صدق ظنه ، أو ظن أن الترف يحمل المترفين على الفسوق والمروق ، والأشر والبطر ، فكان ما ظن ، والضمير في { عليهم } إما لقوم سبأ ، أو لعامة الآدميين ، إلا الصفوة المخلصين ، وما يملك الشيطان أن يستكرههم على الكفر والعصيان ، وإنما هو تزيين وأماني ، ووعد مكذوب ، كما حكى الله تعالى عن إقراره يوم التغابن ، بقوله جل علاه : )وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي . . ( {[3741]} وما اختبرناهم إلا لنعلم علما يبنى عليه الثواب والعقاب{[3742]} من هم المصدقون بلقائنا وحسابنا وجزائنا ومن هم المرتابون المترددون في الإيمان بوعدنا ، ومولانا حفيظ رقيب على كل شيء قائم على أحواله وشئونه [ ومع حفظه ضل من ضل من أتباع إبليس ، وبحفظه وكلاءته سلم من سلم من المؤمنين . . ]{[3743]} وقيل : يحفظ كل شيء على العبد حتى يجازيه به .


[3741]:سورة إبراهيم. من الآية22.
[3742]:يقول صاحب روح المعاني: والعلم المستقبل ليس هو العلم الأزلي القائم بالذات المقدس بل تعلقه بالمعلوم في علم الشهادة الذي يترتب عليه الجزاء، بالثواب والعقاب، وهو مضمن معنى التميز لمكان من، أي ما كان له عليهم تسلط لأمر من الأمور إلا علمنا بمن يؤمن بالآخرة متميزا ممن هو منها في شك، تعلقا حاليا يترتب عليه الجزاء..اهـ.
[3743]:مما أورد صاحب تفسير القرآن العظيم جـ 3 ص 536.